في عام 2002 ألقى العضو الجمهوري «ترينت لوت» زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي كلمة في الذكرى المئوية لميلاد الحزب الجمهوري. وامتدح «لوت» في كلمته ستروم ثورموند السيناتور الجمهوري الأسبق عن ولاية ساوث كاليفورنيا والمرشح السابق للرئاسة الأميركية في عام 1948. وكان ثورموند مؤيداً للفصل العنصري وقد أعلن في حملته أنه «لا يوجد ما يكفي من الجنود في الجيش لإجبار سكان الجنوب على إنهاء الفصل العنصري وقبول الزنوج في مسارحنا وبرك سباحتنا وفي منازلنا وفي كنائسنا». واضطر «لوت» إلى الاستقالة من منصبه القيادي في الحزب بسبب إشادته بثورموند. وفي ذلك الوقت، كان عدد من المحافظين والجمهوريين قد حاولوا منذ أكثر من عقد أن يتخلصوا من رائحة العنصرية الكريهة في حركتهم. ففي عام 1991، انتقد الرئيس بوش الأب بصراحة ديفيد لوك المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية لويزيانا بسبب تعصبه وتعاطفه مع النازية. وفي تلك السنة، اعتذر أيضاً «لي آتووتر» رئيس اللجنة القومية للحزب الجمهوري عن إعلاناته ذات الطابع العنصري. وقبل أن ينتهي ذلك العقد، اعتذر كذلك رالف ريد رئيس «الائتلاف المسيحي» السابق عن «الإرث العنصري المخزي» وعدم المبالاة بحركة الحقوق المدنية للإنجيليين البيض. وبحلول عام 2002، حين كان الرئيس بوش الابن يترأس أكثر الإدارات الجمهورية تنوعاً عرقياً، كان المحافظون يعتبرون حنين «لوت» إلى الفصل غير لائق. ولكن منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، اتضح أن معارضة الصفوة الجمهورية للعنصرية الصريحة لا تلقى قبولاً وسط قاعدة المحافظين. فأنصار ترامب يحتفون بغوغائية بعض مؤيديه العنصرية باعتبارها رفضاً للصواب السياسي للصفوة. وقد أيدوه حين وصف بعض المقتنعين بالتفوق العنصري للبيض الذين نظموا مسيرة في مدينة تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا بأنهم «أشخاص لطفاء للغاية»! وفي هذه الأجواء لم يجد النائب الجمهوري ستيف كينج حرجاً في التعبير عن ميوله الفاشية ليكتب تغريدة في الآونة الأخيرة على تويتر نقل فيها عن فيكتور أوربان رئيس الوزراء المجري اليميني قوله إن «اختلاط الثقافات لن يؤدي إلى جودة أعلى للحياة بل جودة أقل». وخلال الحملة الانتخابية الخاصة لاختيار عضو مجلس الشيوخ في آلاباما، ألقى الرئيس بثقله خلف روي مور، أحد المدافعين عن العبودية! صحيح أن سجل مور في مزاعم تحرشه بفتيات قاصرات تتوارى خلفه نقائص كثيرة أخرى لا تؤهله لتولي منصب رفيع، إلا أن آراءه العنصرية المثيرة للاشمئزاز تستحق الانتباه بشكل خاص. وحنين مور إلى امتلاك العبيد في أميركا كان صادماً ولكنه ليس مفاجئاً لأنه لطالما كان قريباً من القوميين البيض. ويوم الاثنين الماضي، كشفت شبكة «سي. إن. إن» عن مقابلتين أجراهما مور عام 2011 في محطة راديو لليمين المتطرف. وحينها أعلن أن التخلص من كل تعديل دستوري بعد التعديل العاشر «سيزيل مشكلات كثيرة». وأشار باحتقار خاص إلى التعديل الرابع عشر الذي أعطي العبيد السابقين حقوقاً متساوية مع غيرهم. وفي المقابل نجد أن خصم مور وهو المحامي دوج جونز اشتهر بنجاحه في إدانة اثنين من أفراد جماعة «كوكلوكس كلان» المتطرفة بعد أن زرعا قنابل أدت إلى مقتل أربع فتيات من الأميركيين الأفارقة في كنيسة بيرمنجهام. ويريد بعض الزعماء المحافظين أن يقنعونا بأن الجمهوريين في آلاباما يعتبرون جونز بديلًا غير مقبول لمور لأنه يؤيد حق المرأة في الإجهاض. وربما يكون هذا صحيحاً، ولكن حلفاء مور يهاجمون جونز لتحفيز السود على التصويت. ولو كان مور فاز، سينبذ الجمهوريون في مجلس الشيوخ وخز الضمير ويعملون معه كما فعلوا مع ترامب. ويعتقد بعض المحللين أن الديمقراطيين استفادوا من هذا لأن مور يشوه صورة الجمهوريين. ولكن كما توضح حالة ترامب، فالشخصيات المتشددة أيديولوجياً حين تحقق نفوذاً سياسياً، تستطيع توسيع حدود الخطاب الشعبي. ولو كان مور وصل إلى مجلس الشيوخ كان سيبعث برسالة مفادها أن الدفاع عن العبودية والفصل العنصري لم تعد أموراً بغيضة. وفي العام الماضي، أخبرني ريتشارد سبنسر، وهو من القوميين البيض، أنه يحلم بنسخة بيضاء على غرار تكتل السود في الكونجرس تكرس جهودها للدفاع عن مصالح البيض. واعتبرت هذا تفكيراً بالتمني، ولكن مع اتباع الحزب لترامب في خطابه المتشدد، أصبحت أعتقد أن هذا خط مثير للقلق، بكل المقاييس. ميشيلا جولدبيرج: كاتبة وصحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»