هناك دلائل تشير إلى أن اقتصاد عام 2018 سيكون جيداً، وهذا ليس تصوراً ساذجاً للعالم رغم أن هذا التوقع لا يتفق وحالة الاكتئاب بشأن الاقتصاد التي سادت على مدار العقد الماضي، كما يجب ألا ننسى أنه قبل عام واحد فحسب كان الحديث عن التعافي المخيب للآمال والنمو الضعيف وما يرتبط به من أسقام أمراً رائجاً. لكن الصورة الأكثر تفاؤلاً عن اقتصاد قومي رسمها منحنى عائدات سندات الحكومة الأميركية، ويشير إلى الفارق بين العائدات على الأوراق المالية قصيرة الأمد التي تبيعها الخزانة والأوراق المالية المستحقة في فترة زمنية أطول. ومؤخراً تضيق الفجوة بين الجانبين. وبلغة السوق، فإن المنحنى ينبسط. وحين يحدث هذا، تصاحبه في الغالب تنبؤات بالبطء الاقتصادي، لكن هذه المرة، يحدث هذا في ظل نمو عالمي متزامن وانخفاض في البطالة وبعض الإنفاق لرأس المال من الشركات. وقد أشار روبرتو بيرلي من شركة «كورنرستون ماركو» للاستشارات الاقتصادية إلى أن المنحنى انبسط في خمس من ست دورات تضييق قام بها الاحتياط الاتحادي منذ عام 1984. وهذا جيد للغاية، حتى الآن. ولا شيء يثير القلق من حدوث شيء غير متوقع. ورفع مجلس الاحتياط الاتحادي سعر الفائدة مرتين هذا العام وسيفعلها على الأرجح خلال الشهر المقبل. ويتوقع رفع سعر الفائدة ثلاث مرات أخرى في عام 2018، وفقاً لتوقعات البنوك المركزية. ونحن نعلم أن التضخم غائب عن العملية رغم النمو الاقتصادي المتين للغاية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. وقد بلغ معدل البطالة في بداية العام 4.8% في الولايات المتحدة وانخفض إلى 4.1% في أكتوبر، وهو المستوى الذي يفترض أن يكون عنده في نهاية 2018 وفقاً لتوقعات الاقتصاديين الذين استطلعت بلومبيرج نيوز آراءهم. وقد تنخفض مستويات العاطلين عن العمل بسهولة إلى أقل من 4% مطلع العام المقبل. وحين يحدث هذا فليس من المفارق للمنطق أن نتخيل ظهور مشكلات التضخم والأجور. صحيح أن هذا لم يحدث بعد، لكن مع تزايد ندرة العمالة، فإن ضغوط الأسعار والأجور قد تبدأ في التصاعد. وإذا حدث هذا يستطيع المرء تأييد حاجة الاحتياط الاتحادي إلى التحلي بجرأة أكبر والانتقال من التوقف عن التسويات المالية إلى التقييد. وبهذا، في نهاية المطاف، نحصل على بطء اقتصادي. ورفعت جولدمان ساكس جروب توقعاتها للنمو الأميركي نهاية الأسبوع الماضي. وتبلغ توقعات الشركة للبطالة حالياً 3.7% في نهاية العام المقبل و3.5% بحلول نهاية عام 2019. وفيما يعكس سوق العمل الضيق ذلك، توقعت جولدمان أربع زيادات في سعر الفائدة يقوم بها الاحتياط الاتحادي العام المقبل، وهو أكبر مما توقعه الاحتياط الاتحادي نفسه والأسواق. ولا ترى جولدمان احتمالاً كبيراً لحدوث ركود، لكنها أقرت بأن قوة الاقتصاد قد لا تكون أمراً جيداً، وأشرت أنا وآخرون من قبل إلى أن التوسع الحالي في الاقتصاد الأميركي هو ثالث أطول توسع وقد يصبح الأطول على الإطلاق خلال فترة ولاية جيرمي باول الذي رشحه الرئيس دونالد ترامب لمنصب الرئيس المقبل للاحتياطي الاتحادي، وهذا سينتهي في مرحلة ما، ونحن نعرف هذا دوماً. ومنحنى العائدات المنبسط لا يوحي فيما يبدو بنهاية وشيكة، وأكثر الاحتمالات المتوقع حدوثها هو عام قوي آخر مثل العام الجاري. والاحتمال الواضح الحالي هو أن الاحتياطي الاتحادي قد يحتاج إلى استخدام كوابح. دانيال موس: كاتب متخصص في الاقتصاد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»