إذا أردنا قطع دابر الإرهاب «الحوثي» في اليمن، فيجب أن يتم إخضاع ميناء الحديدة للرقابة التامة القادرة على كشف الحقائق والدسائس، والضرب بيد من حديد على المرافئ الأصغر المستغلة في التهريب، وتشديد الرقابة على القوارب الصغيرة قبل الكبيرة، وعدم السماح لمهربي السلاح بأن يخبئوا ممنوعاتهم بين الغذاء والدواء الوارد لليمن. فالنظام الإيراني يتمتع بحرفية عالية وواسعة في عمليات تهريب السلاح والعتاد للمليشيات الإرهابية التي يدعمها في كل مكان، من أجل ضرب استقرار الدول وزعزعة أمنها. ويمثل ميناء الحديدة عنق الزجاجة الذي تتسرب منه الأسلحة المهربة والصواريخ الباليستية التي تطلقها مليشيات «الحوثي» بين الحين والآخر باتجاه المملكة العربية السعودية، وتهدد أمن وسلامة دول المنطقة الأخرى، ولذا فلابد من وضع اليد على ميناء الحديدة وتجفيف منابع التهريب إلى التنظمات الإرهابية في اليمن من «حوثيين» و«قاعدة» وغيرهما. وإيران لم تكتف بذلك، بل أوجدت أيضاً الطرق البديلة لإرسال مستشارين عسكريين إلى «الحوثيين»، بالإضافة إلى الطريقة الخبيثة في إرسال الصواريخ بشكل مجزأ، وبالقطعة، حتى تسهل على القوارب الصغيرة نقلها وحملها من دون عناء أو لفت انتباه الدوريات البحرية في خليج عُمان وبحر العرب، حيث يتم تهريب بطاريات الصواريخ والأجزاء الأخرى بشكل منفصل لضمان وصولها خفية، وتقليل حجم الخسائر في حال تم ضبطها، والتحايل على حظر نقل الأسلحة، الأمر الذي يوجب على دول المنطقة أن تضرب بكل قوتها لمنع ذلك التسريب والتهريب للسلاح والمخدرات والمال للانقلابيين، لكف ضررهم، وصد شرهم وخطرهم. ولا حاجة طبعاً للتذكير بأن المتمردين «الحوثيين» لا يمتلكون الحرفية والخبرة الكافية لتجميع تلك الصواريخ، ولكن النظام الإيراني يمدهم بالخبراء العسكريين بطرق ملتوية، حتى يساعدهم في استخدام تلك الأسلحة الإيرانية، ولذا فلابد من تضييق الخناق على خط إمداد الإرهاب، وكشف الشخصيات العسكرية التي تتسرب بين الحين والآخر. كما أن «الحوثيين» يعمدون أيضاً لاستخدام مرافئ صغيرة جداً محاذية للحديدة، للاستمرار في تهريب السلاح وسفك الدماء، وكالة عن أطراف في إيران وجدت فيهم فرصة سانحة لبث سمومها الطائفية وتحقيق أجندتها الفارسية. وكل هذا يحتم اعتراض الشحنات الإيرانية الملغومة والمهربة لـ«الحوثيين» عبر ميناء الحديدة، وكذلك تلك التي قد تتمكن المليشيات الإيرانية من تسريبها عبر ميناء الصليف اليمني، وأحياناً تستخدم بعض الجزر كمحطات لها ومخازن للأسلحة مثل جزيرة «حنيش» وغيرها من المواقع التي وجد فيها النظام الإيراني وكراً لدس وتهريب السلاح سعياً لترهيب ودمار البلاد والعباد. ووفقاً لتقارير دولية فإن عمليات التهريب شملت (صواريخ حرارية، وذخائر، وقطع غيار، وصواريخ كبيرة تم إفراغها من سفن إيرانية في عرض البحر في خليج عدن على زوارق متوسطة الحجم، برسم تفريغ حمولتها في ميناءي المخا والحديدة. وتبقى حقيقة أن تهريب الأسلحة الإيرانية يشكل هدفاً رئيساً لنظام الملالي من أجل إحداث الفوضى في المجتمعات، ومحاولة اختراقها من خلال ميليشيات مسلحة يقوم بدعمها وتسليحها، فعلى مدار السنوات الماضية تم ضبط العديد من السفن وشحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للميليشيات المسلحة في العديد من البلدان، منها على سبيل المثال فقط لا الحصر، في فبراير 2012 ضبطت السلطات اليمنية في ميناء الحديدة سفينة تنقل أسلحة إيرانية في طريقها إلى ميناء ميدي، محملة بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها قاذفات الهاون والقناصات ومضادات الدروع. وتزامن الكشف عن الأسلحة الإيرانية في الميناء اليمني مع إعلان قائد القوات البحرية الأميركية في منطقة الخليج الأميرال مارك فوكس أن إيران أعدت زوارق يمكن استخدامها في هجمات انتحارية في الخليج، إلا أنه أكد أيضاً أن بإمكان القوات البحرية الأميركية منعها من إغلاق مضيق هرمز. وفي فبراير 2013 أعلنت الحكومة اليمنية عن ضبط سفينة شحن قادمة من إيران ومحملة بأسلحة ومتفجرات بينها صواريخ مضادة للطائرات. وفي فبراير 2013 أيضاً كشفت مصادر حكومية يمنية مطلعة أن صنعاء رفضت طلباً إيرانياً بتسوية الأزمة الناشبة بين البلدين جراء ضبط سفينة أسلحة إيرانية قبل أيام، عبر القنوات الدبلوماسية الثنائية، والسماح للجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي بالتحقيق في الاتهامات اليمنية لإيران بدعم جماعات مسلحة في اليمن. وكذلك شحنة الأسلحة بسفينة «جيهان» الإيرانية المهرَّبَة إلى اليمن، وأيضاً شحنة أخرى من الأسلحة المضبوطة مكوّنة من صواريخ «ستريلا» المحمولة المضادة للطائرات التي يبلغ مداها 5 كيلومترات، وعشرات الأطنان من المتفجرات أقواها مادة C4 وأحزمة ناسفة وأجهزة تفجير عن بعد. وفي يونيو 2015 قامت البحرية اليمنية باحتجاز 4 سفن إيرانية بميناء جزيرة سوقطرة، ولم تعرف حتى الآن ماهية حمولة تلك السفن الأربع. وغير هذا الكثير سواء في اليمن أو البحرين أو الكويت وحتى بعض الدول الأفريقية التي وجد نظام الملالي فيها مرتعاً للتهريب ونشر الدمار، ولذا فلابد من إحكام القبضة الحديدية على الممرات المائية الدولية، وتأمينها وفقاً للمعاهدات والمواثيق الدولية، وبما يضمن سلامة شعوب واستقرار دول المنطقة.