المؤتمر السنوي الثامن للتعليم الذي ينظمه «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، وتبدأ فعالياته غداً الثلاثاء وتستمر حتى يوم الأربعاء، ينطوي على أهمية كبيرة، بالنظر إلى حيوية الموضوع الذي سيناقشه، وهو «التعليم والتربية الأخلاقية: نحو منظومة تعليمية تعزز القيم في المجتمع»، حيث يهدف المؤتمر إلى تقديم رؤية متكاملة بشأن هذا الموضوع، سواء بالنسبة إلى طبيعة العلاقة بين التربية الأخلاقية ومنظومة القيم السائدة في المجتمع، أو العلاقة بين إدراج مادة التربية الأخلاقية ضمن المناهج الدراسية، وبين تنشئة الطلاب والشباب على منظومة القيم الوطنية التي تعزز استقرار المجتمع وتماسكه. ويركز المؤتمر السنوي هذا العام على مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بشأن تدريس مادة التربية الأخلاقية، وأهميتها في تنشئة أجيال تمتلك القيم والأخلاق إلى جانب العلم والمعرفة، من خلال محاور رئيسية عدة، الأول، بعنوان «مبادرة التربية الأخلاقية الإماراتية: المنطلقات وجوانب التأثير»، ويناقش رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حول موقع الأخلاق في المنظومة التعليمية، وكيف تعزز التربية الأخلاقية القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والثاني، يسلط الضوء على مضمون مبادرة التربية الأخلاقية وكيفية تفعيلها، عبر مجموعة من الأدوات، مثل: المعلم، والإعلام، والأسرة، والمؤسسات الدينية، ويعرض المحور الثالث بعض التجارب الدولية في تدريس مادة التربية الأخلاقية، مثل: تجارب الصين، واليابان، وفنلندا، ويركز المحور الرابع على رؤى المتخصصين للعوامل التي تؤدي إلى نجاح تلك المبادرة، ومعوقات تدريس مادة التربية الأخلاقية، بالإضافة إلى مدى استجابة الطلبة وأولياء الأمور لتدريس هذه المادة في مدارس دولة الإمارات العربية المتحدة. إن تخصيص مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية هذا الموضوع لمؤتمره السنوي الثامن للتعليم ينطلق من إدراكه العميق بأهمية التربية الأخلاقية في تنشئة الطلاب على منظومة القيم الوطنية من ناحية، وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع من ناحية أخرى، خاصة أن التربية الأخلاقية تعتبر أحد المداخل المهمة في مواجهة الفكر المتطرف، لأنه حينما ينشأ الطفل منذ البداية في بيئة مدرسية وتربوية تؤمن بالحوار والتنوع وقبول الرأي الآخر ونبذ التعصب، فإنه لا شك يكون محصناً ضد أي أفكار متطرفة، ولهذا فإن مبادرة تدريس مادة التربية الأخلاقية تهدف إلى ترسيخ القيم الإيجابية بين طلبة المدارس وتلك التي تعزز التسامح والاحترام والمشاركة المجتمعية، وتنمي روح المبادرة والتفاعل الإيجابي والمسؤولية، وتشجع على الإبداع والابتكار والطموح لدى الطلبة وحب العلم وإتقان العمل. تحظى التربية الأخلاقية بمكانة مهمة في منظومة القيم الفاضلة التي تعد بدورها ركناً رئيساً من أركان بناء الأمم ونهضتها ورقي الشعوب وتطورها، وهذا ما أدركته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسسيها على يد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث تعتز الإمارات بهويتها الثقافية، وقيمها الأخلاقية الأصيلة المرتكزة على موروث القيم النابع من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتقاليد الآباء والأجداد، التي تعلي من قيم التسامح والاحترام والتعاون وحب الخير والانتماء والتضحية والعطاء اللامحدود للوطن، وفي الوقت ذاته تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على الانفتاح على تجارب خبرات الدول المتقدمة والاستفادة منها دون أن يكون ذلك على حساب خصوصيتها الثقافية والحضارية. وتأتي مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بشأن تدريس مادة التربية الأخلاقية، تجسيداً لهذا النهج، فهذه المبادرة تعبر عن رؤية عميقة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين الانفتاح على العالم والمحافظة على التراث الحضاري، وبين الأخذ بالعلم الحديث، وفي الوقت نفسه التزام الأخلاق الحميدة التي يتحول العلم من دونها إلى مصدر للهدم والخراب بدلاً من أن يكون مصدراً للتعمير والبناء، فالأخلاق والقيم الفاضلة، كما يؤكد سموه، هي أساس بناء الأمم ونهضتها ورقي الشعوب وتطورها، «لأنه مهما بلغت الدول من تقدم علمي ومعرفي وتقني فإن ديمومة بقائها مرهونة بمدى محافظتها على قيمها النبيلة وتمسكها بمبادئها السامية لتواصل طريقها نحو بناء حاضرها ومستقبلها المشرق». عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.