قرر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، جعل عام 2018 عاماً لمئوية الشيخ زايد، إذ يصادف مائة عام على ولادة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ما يُدخل السرور وتنشرح له الصدور أن «مئوية زايد» سلال بغلال وفيرة، وجُل ما فيها، هو ما يسود مجتمع دولة الإمارات من أُلفةٍ ووئام ومحبة بين الحاكم والمحكوم. وأكبر إنجاز فيه هو التفاف الشعب حول قيادته. من هنا تنبثق روح زايد مشرئبةٌ، بعبق الحال والمقال، لتتجلى صورته في كل ركن، في الشجر والمدر والدروب والنخيل، التي سقاها زايد، في مسيرته من العين إلى أبوظبي، حيث البناء والشوارع والجسور، وفوق كل ذلك، ما حبانا الله بالأمن والأمان وروح التسامح من بركة السماء. ما كان يهم المغفور له بإذن الله تعالي الشيخ زايد وطيب ثراه، هو «بناء الإنسان الإماراتي»، والحمد لله لم يخب ظنه، في خلفه، فها نحن لدينا قيادة تتسم بالرشادة والحكمة وبحنوها على شعبها. وشباب الإمارات بقوا على العهد الذي قطعوه، يواصلون المسيرة التي أطلقها سموه، خلف قيادتهم، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله ورعاه، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، اللذين يحملان مشعل الوالد «زايد». عندما نحيي ذكرى مئوية زايد، وهي عزيزة على قلوب شعب الإمارات الذي أحب زايد، نستذكر مشاعر المسؤولية الوطنية بواجباتها وحقوقها، لأننا أمام قدوة وشخصية تاريخية، قلما نجدها في تاريخنا الحديث، كان سموه يحمل مشروعاً لمستقبل الإمارات وشعبها، كانت تراوده أحلام وتطلعات للمستقبل، فعلينا أن نُجسد تلك التطلعات والأحلام، بالتعاضد والتآزر مع قيادتنا، لتحقيقها بكل إخلاص ووفاء. النفوس العظيمة لا تدنو: بينما يزور الشيخ زايد الصين -كنت رئيس بعثة الإمارات هناك- في المجلس تحدث أحد المرافقين أن فلاناً.. زارنا في أبوظبي، هذا يأتينا يمدح ولما يرجع «يذمنا» فنهره سموه بقوة قائلاً: «ماذا يضيرنا مدحنا أو ذمنا؟»، هو يقصدنا كل سنة ونحن نكرمه، ولماذا لم تخبروني عنه؟! ونحن على مشارف ذكرى يوم «الشهيد» في 30 نوفمبر، نستذكر تلك الصورة، التي تتراءى أمامنا التي كان فيها سموه، رحمه الله، يتفقد صفوف المتطوعين من الشباب للمشاركة في تحرير دولة الكويت كانت صورة مؤثرة وعيناه تدمعان رضا وفرحاً، في رؤية أبنائه يقدمون أنفسهم للدفاع عن الأشقاء ومناصرة المظلومين. مئوية زايد تعني الأمانة والمسؤولية والولاء للوطن والقيادة، والعمل بجد وإخلاص لمواصلة الطريق بالنهج الذي كان عليه زايد، كل حيث هو، وقد ترجمها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فأصبحت مقولة «عيال زايد»، نقولها في المكان الصح، والزمن الصح، للعمل الصح. إنها توجيه وإرشاد لقيمة زايد، وعيال زايد وما يبدر منهم من تصرفات في المكان والزمن والعمل، ليكون صحيحاً من أجل حفظ مكانة الوالد زايد. مئوية زايد يمكن أن ندرك كذلك في عيون الآخرين، حيث يحدثنا رئيس الجمهورية الجزائرية عبدالعزيز بوتفليقه، أنه في إحدى زيارات الشيخ زايد للجزائر، في لقاء سموه بالرئيس بومدين، يسأل الشيخ زايد: «لماذا يسمونك "شيخ"، وأنت زعيم، لأنك في مصاف الزعماء الكبار أمثال عبدالناصر وماوتسي تونج وغيرهم. ويضيف بوتفليقه، كنت أحاول ثني بومدين عن هذا التعليق بضغطي على رجله. بعدها شرحت له أن الشيخ زايد رجل يحب البساطة، وفي الأصل هو شيخ في إمارته، وهذه الصفة مصطلح قبلي متعارف عليه في بلدان الخليج، وأردف يقول: «أنا أراه زعيماً».