شيء واحد يمكنك الاعتماد عليه في السياسة الأميركية في القرن الـ21 هو أن «الجمهوريين» سيكذبون بشأن الضرائب! لقد فعلوا ذلك من قبل في عهد جورج دبليو بوش، وفي عهد أوباما، وما زالوا يفعلونه في عهد الرئيس دونالد ترامب. ولكن هذه المرة مختلفة. ليس مجرد أن الأكاذيب قد أصبحت أكثر فجاجة، ولكن هناك الآن مزيجاً من عدم الاتساق والغضب إلى درجة لم نشهدها من قبل. وفي هذه الأيام، لا يبدو أن بإمكانهم عرض الأمر بوضوح - وبعضهم قد يبدأ في الصراخ وترديد السباب عندما يحاول شخص ما الإشارة إلى الحقائق. إن مغالطات الحزب الجمهوري بشأن الضرائب تنطوي عموماً على قضيتين: من هم الذين ساعدتهم، أو أضرتهم، التغييرات الضريبية، وماذا ستفعل هذه التغييرات للموازنة؟ عندما خفض بوش الضرائب في عامي 2001 و2003، أصر هو وحزبه مراراً وتكراراً على أن التخفيضات الضريبية كانت أساساً للطبقة المتوسطة. وفي الحقيقة، في حين أنه كانت هناك بعض التخفيضات الضريبية للطبقة المتوسطة في تلك الحزمة، مثل زيادة في الائتمان الضريبي للطفل، إلا أنها ترافقت أيضاً مع تخفيضات في معدلات الضرائب على الدخول المرتفعة، وخفض الضرائب على الأرباح وإلغاء ضريبة العقارات. وبوجه عام، فإن شريحة أغنى 1% من الأميركيين شهدت زيادة أكبر بكثير في الدخل بعد حساب الضريبة مقارنة بالأسر من الطبقة المتوسطة. وفي الوقت نفسه، استخدمت إدارة بوش سلسلة من الحيل لإخفاء التكلفة المالية الحقيقية للخطة، مثل تأخير تنفيذ بعض التخفيضات الضريبية في الوقت الذي كانت تتظاهر فيه بأن البعض الآخر سينتهي عندما تكون النية فعلية لجعله دائماً. وعندما تولى أوباما الرئاسة، انقلبت هذه الحيل رأساً على عقب. وأصر «الجمهوريون»، على أن أوباما قد فرض «زيادة ضريبية هائلة» على الطبقة المتوسطة، وفي الواقع، فقد خفض فعلاً الضرائب المفروضة على هذه الطبقة. وفي الوقت نفسه، أصروا أيضاً على أن الزيادة في عجز الموازنة الذي نجم عن الأزمة المالية لعام 2008 كانت دائمة، وسخروا من مزاعم إدارة أوباما بأن معدلات العجز ستنخفض بشكل حاد بمجرد انتهاء إنفاق الأزمة واستعادة الإيرادات الضريبية، وفي الواقع، فهذا بالضبط هو ما حدث. والسؤال: ما هو الاختلاف هذه المرة؟ كما كان الحال في سنوات بوش، يزعم «الجمهوريون» الآن أنهم يقدمون تخفيضات ضريبية للطبقة المتوسطة. ولكن في حين كان بوش يخفض حقاً الضرائب للطبقة المتوسطة، بشكل أقل بكثير من تخفيضاته للأغنياء، فإن خطط الجمهوريين الحالية سترفع هذه الضرائب على الكثير من الأسر ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة، في الوقت الذي تخفض فيه هذه الضرائب بالنسبة للأغنياء. (يزعم وزير الخزانة «ستيفن منوشين» أن أصحاب الدخول البالغة مليون دولار هم الذين سيشهدون زيادات ضريبية. وهذا عكس الحقيقة). كيف إذن يستطيع «جمهوريون» مثل بول ريان، رئيس مجلس النواب، التظاهر بأنهم يساعدون الطبقة المتوسطة؟ هذا يعتمد بشكل حاسم على نوع جديد من التحايل الضريبي: فمشاريع قوانين التخفيضات الضريبية المقترحة لكل من مجلسي النواب والشيوخ تتضمن بعض التخفيضات الضريبية للطبقة المتوسطة، ولكن فقط في السنوات القليلة الأولى. وبعد ذلك تنتهي صلاحيتها. ولنأخذ الآن أحد الأمثلة المفضلة لريان، إذا كانت هناك أسرة لديها طفلان وتكسب 59 ألف دولار سنوياً، فإن هذه الأسرة في الواقع ستحصل على تخفيض ضريبي في العام المقبل. ولكن هذا التخفيض سرعان ما سيتضاءل ويتحول إلى زيادة ضريبية بحلول عام 2024. وردُّ الجمهوريين على القول إن هذه التخفيضات الضريبية لن تنتهي في الواقع، هو أن الكونجرس سيجددها في نهاية المطاف. وهذا أمر مشكوك فيه تماماً - وحتى لو كان صحيحاً، فإنه يعني أن الخطط الضريبية ستضيف المزيد من الديون الوطنية أكثر مما يقر الحزب «الجمهوري». وهذا يقودني إلى قضية العجز في الموازنة بأكملها. ومنذ وقت ليس ببعيد، زعم بعض «الجمهوريين» البارزين أنهم قلقون بشدة بشأن العجز في الموازنة. ولعل الحمقى والوسطيين فقط هم الذين أخذوا «الجمهوريين» على محمل الجد. ومع ذلك، فإن التحول المفاجئ إلى اللامبالاة بشأن إضافة تريليونات إلى الدَّين من أجل خفض الضرائب على الشركات والأغنياء مثير للسخرية. إذ كيف يمكنهم تبرير التحول؟ حسناً، لا يبدو أنهم استقروا على قصة. فـ«منوشين» مستمر في التأكيد على أن التخفيضات الضريبية ستمول نفسها، ويذهب أبعد من ذلك ليزعم أن وزارة الخزانة قد أصدرت دراسة توضح هذا الأمر. ولكن هذا الخداع يظهر في الحجج المتنافرة التي يسوقها «الجمهوريون» فيما يتعلق بخططهم التي تحرص على مساعدة الاقتصاد، ناهيك عن الأسر العادية. إنها في الواقع تعمل على جعل الأثرياء أكثر ثراء على حساب الجميع. ---------------- * أكاديمي وكاتب أميركي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2004 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»