تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها الحثيثة من أجل تنمية العالم العربي واستعادة الحضارة العربية والإسلامية التي تعثرت لأسباب كثيرة بعد أن أضاءت طريق العلم والمعرفة للعالم أجمع على مدار قرون، ولا تكاد تفوت فرصة، أو يكون هناك مجال يمكن من خلاله خدمة هذه الأمة إلا وتحرص قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على استغلالها. ولعلّ من أكثر المسائل التي تستحق الاهتمام بشكل أكبر والمرتبطة بحقل المعرفة الذي تقوم عليه نهضة الأمم وتطور المجتمعات، الأميّة، حيث يعاني العالم العربي نسبة أميّة عالية، ولا يُتصوّر أن تتحقق التنمية المنشودة لأي مجتمع ما لم تكن هناك نهضة علمية حقيقية تشمل كل فئات المجتمع وشرائحه. وهذا يستدعي التحرّك بشكل جدّي للتعامل مع هذه الظاهرة التي يعانيها ملايين الأطفال العرب، إما بسبب فشل جهود التنمية، وإما بسبب الصراعات والحروب أو الإهمال، وفي هذا السياق أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قبيل الجلسة الافتتاحية لقِمة المعرفة في دورتها الرابعة التي نظمتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة على مدار يومي 21 و22 نوفمبر الجاري، مبادرة «تحدّي محو الأميّة» التي تستهدف ثلاثين مليون شاب وطفل عربي حتى عام 2030، وذلك بالتعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ومنظمة اليونيسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتكتسب هذه المبادرة أيضاً أهمية كبرى لأنها تأتي في سياق مبادرات مميزة أخرى أطلقتها قيادتنا الرشيدة، ومنها مبادرة تحدّي القراءة التي وجدت تفاعلاً منقطع النظير على مستوى العالم العربي، ومبادرة الترجمة التي تهدف إلى ترجمة ملايين المواد المعرفية إلى اللغة العربية، بالإضافة إلى العديد من المشاريع التي نُفذت أو تمّ دعمها أو تبنّيها من قِبل دولة الإمارات العربية المتحدة في العالم العربي. كما تأتي مبادرة «تحدّي محو الأميّة» لتؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية في دورها القيمي والتزامها الأخلاقي في تنمية الإنسان وتمكينه من تحقيق أعلى مراتب المعرفة ليس داخل الدولة وحسب، ولكن في العالم العربي أجمع، فمثل هذه المبادرة التي تحظى كغيرها من المبادرات بمتابعة مباشرة من القيادة الرشيدة، يُتوقع أن تحقق نتائج مهمّة على طريق القضاء على الأميّة في عالمنا العربي، ولعلّ تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال أثبتت فاعلية فريدة، حيث تمّ التخلص من الأميّة في وقت قصير، ويمكن أن تكون مثالاً يحتذى به للدول العربية الأخرى، خاصة تلك التي تعاني نسبة أميّة عالية، تؤخّر عملية التنمية، وتنتج منها العديد من المشاكل الاجتماعية، بل وربما تكون بيئات خصبة لظهور التطرّف، وكذلك الإرهاب، بالإضافة إلى الانحراف والمشاكل الاجتماعية والأخلاقية الأخرى. إذن نحن أمام مبادرة على درجة كبيرة من الأهميّة، وهي تحتاج علاوة على الجهد الذي ستبذله المؤسسات المنخرطة فيها من داخل الدولة أو من خارجها، إلى جهود المؤسسات والجهات المختصة، كما يمكن أن يسهم القطاع الخاص والأفراد ممن لديهم القدرة المادية والعلمية من خلال التطوع في برامج محو الأميّة، حتى نتمكّن ومن خلال هذه المبادرة من القضاء على هذه الآفة التي يصعب معها تحقيق التنمية المستدامة المنشودة. إن مثل هذه المبادرات الخلّاقة في مجال المعرفة والتعليم أو غيره من المجالات، تحظى بتقدير واسع، وقد أشاد دولة الدكتور هاني الملقي، رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية، خلال كلمته بصفته ضيف شرف على قمة المعرفة 2017، التي يشارك فيها خبراء ومثقفون وعلماء من دولة الإمارات العربية المتحدة ونحو 130 دولة عربية وأجنبية، وهدفت إلى مناقشة قضايا المعرفة، وتجارب أفضل الخبراء فيها، ووضع حلول للتحدّيات التي تواجهها، بتوجهات دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وحكومة ومؤسسات، من أجل تحقيق التنمية المستدامة، من خلال ترسيخ مفهوم المعرفة ونشرها في شتى المجالات، وتطبيق اقتصاد المعرفة والتحول إلى حكومة ومؤسسات ذكية تخدم شعبها، وتوفر له وللمقيمين على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة العيش الحضاري الراقي والسعادة، من خلال المبادرات والمشاريع التي تطلقها في شتى المجالات والاتجاهات. *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.