شاهدت قبل أيام خطاب أمير قطر «تميم بن حمد آل ثاني» في افتتاح «مجلس الشورى» وتملكتني الدهشة من حجم الأكاذيب التي ساقها في خطابه بحضور «عرَّاب» الأزمة التي اختلقتها قطر مع جيرانها «حمد بن خليفة آل ثاني» الأمير الأسبق، وقبل تناول تلك الأكاذيب قمت بمشاهدة خطاب افتتاح ذات المجلس العام الماضي ووجدته ركز على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها «قطر» نتيجة انخفاض أسعار منتجات سوق الطاقة من نفط وغاز، ولكنه لم يتعرض مطلقاً لموضوعات مهمة مثل الإرهاب والجماعات المتطرفة ودورها في زعزعة الأوضاع في العديد من الدول العربية. أما خطاب «تميم» الأخير فقد تحدث في معظمه عن سلسلة من الأكاذيب التي ما زال يسوقها نيابة عن «والده وعمه» ورؤوس الفتنة في جماعة «الإخوان» الإرهابية، التي تسيطر على معظم مفاصل الحكم في الدوحة، فقد قام «تميم» بالتحدث مباشرة عن الأكذوبة الكبرى التي يسوق لها، وهي «الحصار الجائر الذي تسبب في إهدار كل القيم والأعراف المعمول بها»! والسؤال هنا: هل قيام بعض الدول بحماية أمنها الوطني والحفاظ على مكتسباتها وإنجازاتها ومصلحة شعوبها من خطر التطرف والإرهاب يُعتبر «هدراً للقيم والأعراف المعمول بها»؟ وهل ما تفعله قطر طيلة عقدين ونيف من تصدير للإرهاب وإشاعة الفتنة والكراهية بين الحاكم والمحكوم في العديد من الدول العربية ليس هدر القيم والأعراف؟ وهل ما تقوم به الدوحة من احتضان لرموز الإرهاب الهاربين من أوطانهم والمنتمين للعديد من الجماعات الإرهابية وعلى رأسها «الإخوان» لا يدخل ضمن هدر القيم والأعراف؟ ثم أدهشني «تميم» عندما قال: «لقد اتبعنا سياسة ضبط النفس والاعتدال في الرد»، ولو كان الأمر كذلك، فاعتقادي أن ما نشهده من حملة إعلامية مسعورة من «شبكة الجزيرة الإعلامية الإرهابية» هو من محض خيالنا، بل يدخل في نطاق الكوابيس المزعجة والإعلام القطري بريء براءة إخوان يوسف، عليه السلام، مما فعلوه بأخيهم والجميع يعلم أنهم ليسوا أبرياء، كما نعلم أيضاً أن «قطر» ليست بريئة من جرائم الحقد والإرهاب وإثارة الفتنة والفوضى بين جنباتنا، ثم أردف «تميم» أكذوبة أخرى عندما تحدث عن «اكتساب نهج قطر ودبلوماسيتها احترام العالم أجمع» والسؤال هنا عن أي عالم يتحدث؟ أليست المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية. وغيرهم من الدول التي عانت من سياسة قطر الإرهابية من ضمن دول العالم؟ ألم تقم تلك الدول بعرض الأدلة والبراهين كافة على قيام «الدوحة» باتباع استراتيجية ممنهجة لإثارة البلبلة والفتنة الطائفية وقلب أنظمة الحكم وغيرها من الجرائم الإرهابية ثم كان أبسط رد فعل قامت به تلك الدول هو قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية بينها وبين «قطر»؟ ثم تتوالى أكاذيب «تميم» عندما قال إن دول ما أسماه «بالحصار» ما زالت «تتدخل في الشؤون الداخلية لقطر مع اتخاذ إجراءات عقابية ضد الشعب القطري». ووددت شخصياً لو قام «تميم» بعرض دليل أو مثال واحد على صحة ما قاله لكي نقوم بتوجيه الرد المناسب، ولكنه للأسف لم يفعل، ولكن النقطة الوحيدة التي لم يكذب بشأنها «تميم» في خطابه كانت تناوله للصعوبات الاقتصادية التي تمر بها قطر في العامين الأخيرين، والتي نتج عنها تدني معدلات النمو، وعلى الرغم من أن «تميم» ربط تلك الأزمة الاقتصادية بانخفاض أسعار النفط والغاز عالمياً فإن واقع الأمر يؤكد أنها نتاج لخسارة قطر لعلاقاتها الاقتصادية مع الدول الأربع نتيجة سياستها الإرهابية، وبالتالي فإن الدوحة عليها أن تفكر ملياً في إعادة النظر في أفعالها والعودة إلى ما يمليه عليها الحق والعقل وليس ما تفرضه عليها طهران و«الإخوان المسلمين» والتوقف عن تسويق الأكاذيب.