ماكرون: ضغوط في المشهد الداخلي.. وتألق على المسرح الدولي ليبراسيون في صحيفة ليبراسيون نشرت الكاتبة «ألكسندرا شوارتزبرود» افتتاحية بعنوان: «مبادرة» خصصتها للحديث عن مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة الرامية لتجديد العهد والصلة بهموم الطبقات الأكثر شعبية ومحدودية دخل في بلاده، مشيرة قبل ذلك إلى أنه كان يلزم مرور ستة أشهر كاملة على ماكرون في قصر الأليزيه لكي يدرك أخيراً أن في سياساته مناطق ظل وانعدام رؤية، وخاصة حين يتعلق الأمر بالشرائح الشعبية الأكثر تواضعاً من مواطنيه. فهذه الشرائح تكاد تكون هي الغائب الحاضر في بعض هذه السياسات، وخاصة ما ارتبط منها بجوانب التدبير الاجتماعي والتسيير الاقتصادي العام. فالمنسيون والساقطون سهواً من الأجندة الاقتصادية للرئيس الجديد هم من يطمحون للحصول على وظائف، أو من يكابدون محدودية الدخل أو يتجرعون البطالة. هذا على رغم أن ماكرون لم يبخل عليهم جميعاً بكثير من الكلام الجميل والنوايا الطيبة، ولكن على أرض الواقع لم يضعوا أيديهم أيضاً على شيء ملموس. وفي هذا السياق قالت الكاتبة إن استطلاع رأي حديثاً أظهر أن 65% من أفراد هذه الشرائح الشعبية يرون أنفسهم ضمن خانة «الخاسرين» من الإصلاحات والتدابير الحكومية الأخيرة. وهذا قد يذكّر ببعض مرارة التجربة مع الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي وسياساته المالية والضريبية التي حاول في بعضها امتطاء موجة الشعبوية، ولكن لم ينجح في النهاية في إتباع الأقوال بالأفعال. وهذا يصدق أيضاً على بعض سياسات ماكرون الآن إذ على رغم أن بعض الإصلاحات يفترض أن تستهدف الشرائح الأكثر ثراء، إلا أن تخفيض المساعدة المخصصة للسكن، يعطي الانطباع في الوقت نفسه باستعداد للتخلي عن ذوي الدخل الأكثر تواضعاً ومحدودية. على أن هنالك أيضاً خبراً سعيداً، هو أن ماكرون أصبح الآن على وعي تام بمحدودية أداء السياسات العمومية وعدم كفايتها للوقوف مع الأُجراء ومحدودي الدخل. والدليل على ذلك جولته هذا الأسبوع في بعض المناطق والأحياء الشعبية، ومبادرته باتخاذ تدابير منحازة لسكان هذه الأحياء. ولكن هل تكفي هذه المبادرة وحدها؟ تتساءل الكاتبة. الحال أن خط الرجعة مع الفرنسيين، وجُسور التواصل معهم، لم تفقد بعد، كما أن الزمن لم يتأخر أيضاً على ذلك، وهذا ما تدل عليه الآن استطلاعات الرأي. وفضلاً عن ذلك، فمن حظ ماكرون أيضاً أنه لم يظهر حتى الآن أي وجه بارز أو متصدر للمشهد في صفوف المعارضة. وفوق هذا أيضاً أن صورته على الساحة الدولية هي الآن في أزهي وأبهى حالاتها. فقد تمكن من إعادة الروح والثقة إلى الاتحاد الأوروبي الذي كان مهدداً بالانحلال والتفكك. بل إن صورة الرئيس الفرنسي الآن على المسرح الدولي هي ما عبرت عنه مجلة «التايم» بعنوان مانشيت احتفائي قائلة إنه «في بيته، العالم»! ولكن، تقول الكاتبة، هذه مشكلة هي ماكرون فعلاً، إذ على المسرح الدولي هو «في بيته» لشدة شعبيته وتألق صورته وانخراطه الإيجابي في السياسة العالمية، ولكنه في فرنسا نفسها يجد صعوبة في إسماع صوته لكل الطيف الوطني على مستوى عموم البلاد. لوفيغارو انتهز الكاتب اليميني إيفان ريوفول مناسبة مرور عامين على هجمات 13 نوفمبر 2015 في باريس، التي استعاد الفرنسيون هذا الأسبوع ذكرى ضحاياها، لكي ينشر مقالاً بعنوان: «الإرهاب: الحرب أيضاً في الداخل»، متحدثاً في هذا السياق بلغة مفعمة بالتهويل عن خطر الحرب الأهلية التي تتهدد فرنسا في حين أن ما يسميه النزعة الماكرونية لا تحرك ساكناً، وتتعامل مع الموقف بعينين مغمضتين. ومع هذا يذكر الكاتب أن الرئيس ماكرون ذهب بنفسه يوم الاثنين الماضي لإحياء ذكرى ضحايا تلك الهجمات الإرهابية، التي قتل فيها 130 وجرح 683 شخصاً، حيث زار بعض المواقع التي استُهدفت فيها مثل مسرح باتكلان. وعلى رغم هزيمة تنظيم «داعش» في معقله بمدينة الرقة السورية، وتحرير الأراضي التي كان يحتلها في العراق وسوريا، إلا أن هذا لا يعني أيضاً بحال أن خطر ذلك التنظيم الإرهابي قد انتهى، ولا أن همّه قد أزيح عن الصدور. وقد تواترت خلال الأسابيع الماضية تصريحات من بعض كبار مسؤولي دوائر الأمن في فرنسا محذرين من أن ما يجري الآن على مسرح عمليات الصراع ضد «داعش» قابل للانتقال إلى أوروبا، وهو ما يعني أن التداعيات المحتملة لما بعد هزيمة التنظيم ينبغي أن تكون من دواعي الحذر والشعور بالخطر في فرنسا، وفي القارة الأوروبية ككل. ويخلص الكاتب إلى أن الخطر يمكن أن يكون الآن داخلياً في المقام الأول، وخاصة بعد تصفية كيان التنظيم الإرهابي في معاقله، واحتمال تسرب كثير من عناصره إلى القارة العجوز مما قد يهدد أمن وأمان واستقرار مجتمعاتها. كما لم يغفل الكاتب أيضاً انتقاد تصريحات الرئيس ماكرون المتواترة والمتسمة برفض مقولة صراع الثقافات أو الحضارات، قائلاً إنها هي ما يمنعه من اتخاذ الموقف القوي، والملائم، لصد الخطر الإسلاموي، المحدق بفرنسا. كما ينتقد كذلك أيضاً افتراض ماكرون أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة وتغير المناخ هي أسباب تفاقم ظاهرة التطرف والإرهاب، مؤكداً في هذا الصدد أن الرئيس يسيء تقدير حجم التحدي ودوافعه ومن ثم مستوى الاستجابة المطلوبة في مواجهته، وهو ما يدعو في حد ذاته إلى القلق. لوموند في صحيفة لوموند نشر الكاتب ريمي أوردان مقالاً ناقش فيه بعض التحديات الدولية التي تواجه الآن الأمين العام التاسع للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، مبرزاً في هذا الصدد، أن رئيس الوزراء البرتغالي السابق يعمل منذ استلامه المنصب الأرفع في الدبلوماسية الأممية مع مطلع شهر يناير الماضي، على إيجاد وتنسيق الاستجابات الدولية الكفيلة باحتواء عدد غير قليل من النزاعات والصراعات والأزمات على مستوى العالم، هذا فضلاً عن مهمات المنظمة الأممية الكبرى الأخرى الكثيرة. وقد أدى غوتيريس أول زيارة له منذ تسلمه منصب الأمين العام إلى واحدة من بعثات حفظ السلام، حيث كانت جمهورية أفريقيا الوسطى هي وجهته، بحكم استمرار اضطراب الوضع هناك، وأيضاً تعبيراً عن قوة الدعم الدولي لمسار استعادة السلام الاجتماعي والاستقرار في ذلك البلد الإفريقي الفقير. وقال الكاتب إن النزاعات الدولية عادة بالنسبة للأمناء العامين للأمم المتحدة يمكن أن تصنف إلى نوعين: نوع تنخرط فيه القوى الدولية الكبرى أو الإقليمية المؤثرة، وتلعب فيه موازين القوى بين تلك الأطراف ذات التأثير الكبير في النظام الدولي دوراً حاسماً في رسم خرائط المصالح والاصطفافات والمآلات السياسية في النهاية، وهو ما يجعل دور الأمم المتحدة محدود التأثير في مثل تلك النزاعات كالصراع في الشرق الأوسط، والحالتين العراقية والسورية. ونوع ثانٍ من الحالات الدولية لا تنخرط فيه القوى العالمية الكبرى بحكم ترتيب سلم أولويات اهتماماتها ومصالحها، وهو ما يزيد هوامش تحرك الأمم المتحدة فيه، ومن هذا النوع حالات هاييتي والكونجو الديمقراطية وجنوب السودان.. الخ. ومفهومٌ، يقول الكاتب، أن أزمة أفريقيا الوسطى تندرج ضمن هذا النوع الثاني من الصراعات والأزمات الدولية، وخاصة منذ انسحاب فرنسا من بعض التزاماتها العسكرية هناك في أكتوير من العام الماضي. وهذا يجعل الأمم المتحدة هي الفاعل الرئيس والأهم في جهود إعادة الاستقرار في تلك الدولة، وهو ما دفع غوتيريس لاختيارها وجهة أولى، وجعله يدفع أيضاً لزيادة عدد أفراد القبعات الزرقاء من القوات الدولية العاملة فيها. إعداد: حسن ولد المختار