بينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحتسي الشاي مع مضيفه الرئيس الكوري الجنوبي «مون جاي-إن» ضمن جولته الآسيوية، طرح ترامب سؤالاً غير اعتيادي على «مون»: ألا بد لكم من إعادة الوحدة؟«مع كوريا الشمالية. وقد يعتبر كثيرون من الكوريين السؤال غير لائق لأن ملايين الأسر الكورية تشتت شملها مع اندلاع الحرب الكورية. والرئيس مون نفسه ابن لاجئين من كوريا الشمالية فرا إلى الجنوب عام 1950 تاركين خلفهم ذوي قرباهم. لكن بدلاً من أن يشعر«مون»بالإهانة من سؤال ترامب، انتهز الرئيس الكوري الجنوبي الفرصة ليوضح لترامب تاريخ الصراع الكوري ويربط هذا بالأزمة التي تواجه شبه الجزيرة اليوم. وسرد«مون»ما دار بينه وبين ترامب على»تشو مي-أي«زعيمة الحزب»الديمقراطي«الحاكم الذي ينتمي إليه»مون«. وقالت»تشو«في مقابلة إن«طرح سؤال: ألا بد لكم من إعادة الوحدة؟ على عضو في أسرة تشتت شملها قد يكون مؤذياً إلى حد ما، لأنه يشبه السؤال: ألا بد أن يرى المرء أفراد أسرته؟. وأضافت«قد يطرح هذا السؤال أي شخص، لكن الناس الذين يأتون إلى كوريا الجنوبية لا يطرحونه أبداً تقريباً. وواقع طرح هذا السؤال أعطانا بصراحة الفرصة لنشرح الحاجة إلى إعادة الوحدة»وذكرت«تشو»أن«مون»أخبر ترامب عن شعوره الشديد بالمسؤولية تجاه الأشخاص الذين مازالوا في كوريا الشمالية يعانون من قسوة نظام الزعيم كيم جونج أون. وتحدث«مون»أيضاً عن الحاجة إلى تنوير الكوريين الشماليين بشأن الديمقراطية. ومن المستحيل معرفة السبب الفعلي الذي دفع ترامب إلى أن يسأل«مون»عن إعادة الوحدة، لكن«مون»وفريقه رأى في الحوار تبادلاً عفوياً وصادقاً للأفكار. وبعد سماع ترامب لتفسير«مون»طرح الرئيس الأميركي سؤالاً آخر: ما الذي يمكنني فعله لكوريا؟ وانتهز«مون»الفرصة ليطلب معروفاً من ترامب، موضحاً أن نجاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية مهمة صعبة بسبب توترات أزمة كوريا الشمالية. وطمأن ترامب الرئيس الكوري الجنوبي بالقول إنه سيحاول شخصياً دعم الأولمبياد الشتوي. وعلى خلاف التصور الشائع عن ترامب بأنه عنيد ومتصلب في السياسة الخارجية، تحدث عدد من الدبلوماسيين عن فضول ترامب الشديد وتوقه للمعرفة في اجتماعاته مع الزعماء الأجانب. ويطرح ترامب الكثير من الأسئلة في هذه الاجتماعات، ويتحدى عادة المسلمات الأساسية في السياسة الخارجية أو يسعى للحصول على نصيحة بشأن ما يجب عليه فعله. ولم يقتصر توضيح الأمور لترامب على جلسة تناول الشاي مع«مون». فقد أخبر ترامب نظيره الكوري الجنوبي بأنه يريد زيارة المنطقة منزوعة السلاح بين الشمال والجنوب وهي أكثر حدود العالم تحصيناً، أوضح«مون»أن الأمر قد يكون مرهقاً. وعرقل الزيارة المناخ الضبابي، لكن«تشو»ذكرت أن الرحلة بالطائرة الهليكوبتر كانت كافية لتعطي ترامب منظورا جديداً ومفيداً. وقالت تشو«حين كان ترامب في الجو استطاع أن يرى المنطقة منزوعة السلاح وما يجاورها، واستطاع أن يرى بعينيه مدى قرب المنطقة منزوعة السلاح من سيول والعدد الكبير من الناس الذين يعيشون بالفعل قريباً جداً منها. اعتقد أن هذا أعطى الرئيس ترامب فرصة لإدراك أنه في الأرض التي يعيش فيها عدد كبير جداً من الناس يجب ألا تكون هناك حرب أبداً». وتشعر الحكومة الكورية الجنوبية بتفاؤل حذر من أنها استطاعت أن تنقل إلى ترامب مخاطر نشوب حرب في شبه الجزيرة الكورية والحاجة إلى حوار. وأعلن ترامب في اليوم ذاته في مؤتمر صحفي مع«مون»أنه يريد التوصل إلى صفقة مع«كيم». وفي اليوم التالي، كرر ترامب من جديد في كلمة أمام البرلمان الكوري الجنوبي عرضه على كوريا الشمالية بأن تخرج من عزلتها وتنضم إلى المجتمع الدولي. وذكرت«تشو»أن فريق ترامب أجرى تعديلات على كلمة الرئيس حتى اللحظات الأخيرة. وكانت تشعر بالقلق ثم شعرت بالراحة بعد أن ترك ترامب الباب مفتوحاً لحل دبلوماسي. ويأمل الكوريون الجنوبيون الآن أن يكون للتوضيحات التي قدموها لترامب في آسيا تأثير دائم. وتعتقد»تشو«أن ترامب بعد أن رأى الواقع في كوريا لابد أنه»فهم بوضوح سبب رفضنا للحرب وسبب دعوتنا إلى السلام». * كاتب أميركي متخصص في شؤون السياسة الخارجية والأمن القومي ينشر بترتيب خاص مع خدمة«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»