تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، انطلقت أمس الأربعاء في العاصمة الإماراتية أعمال منتدى الصحة العالمي «بلوغ آخر ميل.. العمل معاً من أجل القضاء على الأمراض المعدية»، بالشراكة مع مؤسسة «بيل ومليندا جيتس» و«مركز كارتر» وبحضور أكثر من 200 شخصية بارزة في قطاع الرعاية الصحية العالمية. وسلط المنتدى، الذي شارك فيه مسؤولون حكوميون، ورؤساء منظمات تنموية دولية، ومنظمات خيرية، وخبراء صحة عالميون، وممثلون عن القطاع الخاص، الضوء على الجهود الهائلة المبذولة في مكافحة الأمراض الفتاكة التي يمكن الوقاية منها، والقضاء عليها، والتي تقف حالياً عائقاً أمام مسيرة التنمية الاقتصادية، وأمام تحسين صحة أفراد المجتمعات الأفقر في العالم. وضمن فعاليات المنتدى، ومنذ منتصف شهر أكتوبر الماضي، وبالتعاون بين ديوان ولي عهد أبوظبي ومركز كارتر، احتل معرض «العد التنازلي للصفر» (Countdown to Zero) مركزاً محورياً ضمن فعاليات المنتدى، والذي يدور موضوعه ومعروضاته حول الاحتفاء باقتراب تحقيق هدف القضاء على «دودة غينيا»، وكان قد ساهم في إنشائه وتنظيمه «المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي». فمنذ آخر حالة للإصابة بفيروس مرض الجدري عام 1977 في الصومال، لم ينجح الإنسان في القضاء التام على مرض معدٍ آخر، وهي الحقيقة التي ربما قد تتغير عن قريب، مع الاقتراب من تحقيق هدف القضاء على مرض «دودة غينيا». وبالإضافة إلى ذلك، تبذل حالياً جهود هائلة للتحكم، وربما القضاء التام على عدد من الأمراض المعدية الأخرى، بما في ذلك شلل الأطفال، والملاريا، وديدان الفلاريا، والتراكوما، وعمى النهر، وهي الأمراض التي سيلقي معرض المنتدى الصحة العالمي هذا الأسبوع، المزيد من الضوء عليها، وعلى الجهود الرامية لمكافحتها. وإذا خصصنا بالحديث هنا مرض «دودة غينيا» فهو ببساطة مرض معدٍ، يتسبب فيه أحد أنواع الديدان الدائرية، وينتقل عن طريق شرب مياه ملوثة بحشرة متناهية الصغر، تعرف ببراغيث الماء، تحمل في داخلها يرقات الدودة. وعند ابتلاع المياه الملوثة ووصولها إلى المعدة تموت الحشرة لتخرج اليرقات من داخلها كي تخترق جدار المعدة والأمعاء، وتستوطن أحشاء الشخص المصاب. وتتسبب العدوى في أعراض عامة، مثل الحمى، والقيء، والغثيان، وإن كان يميز هذا المرض تعرض المريض لآلام مبرحة وحرقة شديدة في مسار هجرة الديدان من الأحشاء إلى جلد الساقين والقدمين، إلى درجة وصف البعض هذه الديدان باسم «أفعى النار» بسبب شدة ما تسببه من آلام. وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول الداعمة لجهود مكافحة هذا المرض حول العالم، وكان استثمار المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، لموارد ضخمة في تسعينيات القرن الماضي من أجل إطلاق حملة للقضاء على مرض دودة غينيا، من أوائل وأهم المساهمات الفاعلة في تخليص العالم من هذا المرض ذي العبء الإنساني والاقتصادي الفادح. كما جاءت مساهمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بعشرة ملايين دولار عام 2012 لدعم مركز «كارتر» في حملته لاستئصال ما تبقى من حالات دودة غينيا، لتسلط الضوء مرة أخرى على دور الإمارات في مكافحة ما يعرف بالأمراض الاستوائية المهملة. وبخلاف «دودة غينيا»، وعلى صعيد باقي الأمراض المعدية، وخصوصاً تلك المعروفة بأمراض الطفولة، ساهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بمبلغ 30 مليون دولار أميركي في شهر يونيو الماضي، لدعم النشاطات الهادفة لاستئصال مرض شلل الأطفال. وكان قد تم الإعلان عن هذه المساهمة خلال المؤتمر الدولي الذي عقد حينها في مدينة «أتلانتا» بالولايات المتحدة الأميركية، تحت شعار «الوصول إلى صفر حالة شلل أطفال: تبرعات للقضاء على شلل الأطفال في العالم». وتأتي هذه المساهمة الأخيرة ضمن مساهمات عدة سابقة كان قد قدمها سموه، آخرها كان عام 2013 بمبلغ 440 مليون درهم لاستئصال مرض شلل الأطفال بحلول عام 2018، مع التركيز بشكل خاص على باكستان وأفغانستان، وبعد مساهمة أولية عام 2011، بالشراكة مع مؤسسة «بيل ومليندا جيتس» بقيمة إجمالية بلغت 100 مليون دولار، مناصفة بين الطرفين، وهو ما يؤكد مراراً وتكراراً، الدور الريادي للإمارات في مكافحة هذا المرض على المستوى العالمي، وعلى مكانة الدولة في طليعة الجهود الرامية للقضاء على شلل الأطفال وغيره من الأمراض المعدية.