إن توقع معهد التمويل الدولي، بأن يسجل اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، أفضل أداء بين اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال السنوات الخمس المقبلة، بفضل ما يتمتع به من تنوع ومرونة كبيرة ومحركات متعددة قادرة على ترسيخ النمو وتعزيز استدامته، ما هو إلا شهادة جديدة على أن سياسة التنوع الاقتصادي التي تعتمدها الدولة مكنت اقتصادنا الوطني من التصدي لمختلف التحديات والأزمات التي قد تعترض طريق انطلاقه ونموه، وجعلته في منأى عن التقلبات التي يعانيها الاقتصاد العالمي في الفترة الراهنة، حيث أكد المعهد في الفصل الخاص بدولة الإمارات، ضمن تقريره الصادر حديثاً عن اقتصادات الشرق الأوسط، أن اقتصاد الإمارات يعد أفضل اقتصاد مُدار في المنطقة بوجه عام، بعد أن نحج بشكل لافت للنظر في استيعاب التراجعات الكبيرة في أسعار النفط خلال العامين الماضيين، واستعادة وتيرة نمو القطاعات غير النفطية. ومما لا شك فيه أن الاستقرار السياسي والأمني الذي تتمتع به دولة الإمارات، بفضل الإدارة الحكيمة لقيادتها الرشيدة، ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يلعب دوراً حيوياً في تصدر الدولة اقتصادات المنطقة، وفقاً لتقرير معهد التمويل الدولي. وتتفق آراء الخبراء والمحللين على أن القطاع غير النفطي في الإمارات، يلعب دوراً معوضاً لأي تراجعات محتملة في أسعار النفط، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحافظ على ديمومة النمو الاقتصادي، وقد توقع تقرير معهد التمويل الدولي، تحسن الأداء الاقتصادي في عامي 2017 و2018 مع استقرار أسعار النفط، في ظل تمديد اتفاق أوبك لخفض الإنتاج النفطي وتحسن التجارة العالمية والتخفيض المتوقع في إجراءات ضبط الأوضاع المالية، لافتاً الانتباه إلى أن النمو الاقتصادي خلال عام 2017، متضمناً النمو النفطي وغير النفطي، سيكون بحدود 1.7%، في حين يرجح تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي إلى 3.0% في العام الجاري، وإلى 3.5% في عام 2018، مدعوماً بنمو الاستثمارات وزيادة الصادرات السلعية غير النفطية والخدمات، وأشار التقرير إلى أن إسهام القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، يواصل التراجع ليصل إلى نحو 30% فقط من الناتج. هذا وقد أكد تقرير معهد التمويل الدولي أن الإمارات تواصل خططها لتوليد العائدات عن طريق تنمية الاحتياطات المالية الكبيرة، حيث تعتمد على امتلاكها احتياطات مالية ضخمة تقدر بنحو 670 مليار دولار (2.45 تريليون درهم)، مدعومة بسياسات مالية ونقدية متينة، ما ساعدها على امتصاص التداعيات السلبية لانخفاض أسعار النفط، والنمو العالمي البطيء، والتقلب الكبير في اقتصادات الأسواق الناشئة. وبإشادة التقرير، يتمتع القطاع المصرفي الإماراتي بإطار تنظيمي وإشرافي متميز، ومن المتوقع أن تسهم الإصلاحات المتواصلة لتطوير الأسواق المالية المحلية، في زيادة خيارات التمويل والادخار في الاقتصاد، وتركز التعديلات المالية في العام الجاري والمقبل، بشكل كبير على الرسوم والضرائب الانتقائية وضريبة القيمة المضافة. لقد تميزت استراتيجية التنويع الاقتصادي التي انتهجتها دولة الإمارات بالشمولية والاستدامة، فوضعت نصب أعينها الوصول إلى مختلف القطاعات وفتح الباب أمام الأنشطة الاقتصادية المختلفة القادرة على التأثير بإيجابية في الناتج المحلي للدولة، وتقليص الاعتماد على العائدات النفطية، ومن هذا المنطلق، عمدت الدولة إلى تطوير عدد من القطاعات الاقتصادية الموجودة واستحداث قطاعات جديدة، وكان النصيب الأكبر لقطاعات السياحة والتجارة والصناعة، وكذلك توسيع خيارات التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي من شأنه تعزيز نمو القطاع الخاص ودعم وجوده في عملية التنويع الاقتصادي، وبالتوازي مع تلك الجهود، حرصت الإمارات على أن تتوافر فيها كل الإمكانات التي تمهد طريق النمو أمام تلك القطاعات، فبذلت قصارى جهدها لتمتلك واحدة من أفضل البنى التحتية في العالم، ولم تألُ جهداً في تحديث بنيتها التشريعية والقانونية، بما يواكب تطورات العصر، كما تفردت باعتماد الابتكار والإبداع والدخول إلى عالم الذكاء الاصطناعي بقوة، مواكبة خطى عصر العولمة السريعة، ما أسهم في جعلها ملاذاً آمناً للاستثمارات ورؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ومقصداً للشركات العالمية الراغبة في توسيع وجودها في المنطقة، وتصب مخرجات تلك الجهود مجتمعة في صالح تحقيق «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071». عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية