في يونيو عام 2016، صوت الشعب البريطاني بنسبة 52 في المئة مقابل 48 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن «حكم الـ52/48» سيظل غير نهائي بسبب طول الطريق، مثلما قال زعيم حزب الاستقلال البريطاني «نيجيل فاراج» في 16 مايو 2016 عندما كان يخشى من فوز مؤيدي البقاء في التكتل الأوروبي. وتابع «فاراج» قائلاً لـ«بي بي سي»: «إنه ستظل هناك مطالبة دؤوبة بإعادة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذا ما فاز أنصار البقاء بهامش ضئيل». وأضاف: «سواء ربحنا أم خسرنا هذه المعركة، فإننا سننتصر في الحرب». وعلى الرغم من ذلك يسعى الآن أنصار الخروج إلى إنكار حقوق خصومهم التي زعموها لأنفسهم من قبل، ويتهمون أنصار البقاء الذين يريدون استمرار الجدل بشأن عدم احترام رأي الشعب. ويبدو أن ثقة مؤيدي الخروج بأنفسهم تخوّف خصومهم، حسبما يرى «نيك كليج» الزعيم «الديمقراطي الليبرالي» السابق ونائب رئيس الوزراء في الحكومة الائتلافية بين «المحافظين» و«الديمقراطيين الليبراليين» خلال الفترة بين عامي 2010 و2015، في كتابه الجديد «كيف نوقف بريكست ونجعل بريطانيا عظيمة مرة أخرى». فالغالبية العظمى من أعضاء البرلمان المنتمين لحزب العمال وأكثر من نصف الأعضاء «المحافظين» كانوا من مؤيدي البقاء، وهو ما يعني أن هناك أغلبية واضحة تؤيد البقاء في مجلس «العموم» وأغلبية أكبر في مجلس «اللوردات». ويشي ذلك بأن أعضاء المجلسين، بتصديقهم على قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، كانوا يصوتون لصالح شيء لا يؤمنون به حقيقة. وفي الاستطلاع الأخير الذي أجراه «البنك التجاري الدولي» لآراء أصحاب العمل، أكد زهاء 40 في المئة من الشركات أن التصويت على «بريكست» أثر بشكل ضار على قراراتهم الاستثمارية. بيد أن الحملات التي يقوم بها «التجاري الدولي» ليست من أجل العدول عن «بريكست»، وإنما لتأمين فترة انتقالية. وقد أعلن كبير الاقتصاديين في البنك مدافعاً بأن هدفها لم يكن «تأجيل العملية، وإنما تسريعها». ويسعى «كليج»، إلى تبديد الاعتقاد بأن «بريكست» حتمي. وهو محق في ذلك، إذ يجب أن تكون للديمقراطية حرية تغيير رأيها. ومثلما يشير «ديفيد ديفيس»، الوزير المكلف بعملية «بريكست»: «إذا لم تكن الديمقراطية قادرة على تغيير رأيها، فلن تكون ديمقراطية». والاعتقاد بحتمية «بريكست» تعززه فكرة أنه بمجرد تفعيل المادة «50»، فلا يمكن التراجع عنها. وقد كان ذلك موقف الحكومة البريطانية و«جينا ميلر» التي قادت حملة قضائية في قضية حكمت على إثرها المحكمة العليا بضرورة موافقة برلمانية قبل تفعيل المادة 50. غير أن ذلك الموقف غير منطقي. فتفعيل المادة 50 يشكل إيذاناً ببدء المفاوضات. وفي أي وقت أثناء المفاوضات، يمكن للمرء العدول عن قراره. فإذا أعلن شخص منزله للبيع، فإنه ليس ملتزماً ببيعه إذا لم تف العروض بتوقعاته. ومطالبات «كليج» بالعدول عن «بريكست» ليست استثنائية، إذ يقول: «إن على أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي أن ينضموا إلى الأحزاب والحملات السياسية للمنظمات التطوعية، والاتحادات التجارية، وأن يكتبوا رسائل إلى قادة الأحزاب. لكن جلّ هذه الجهود وإن لم تكن ضارة، فإنه من المستبعد أن تتمخض عن الكثير من النتائج». وهناك طريقة واحدة يمكن العدول من خلالها عن «بريكست»، وهي إجراء استفتاء على اتفاقية الخروج. وفي الدستور البريطاني تغلب سيادة الشعب على سيادة البرلمان. وإذا كان البرلمان وحده لا يمكنه العدول عن الخروج، فإنه يمكن أن يفوض بإجراء استفتاء عن طريق ملحق تعديل لقانون الخروج. وإذا كان أنصار الخروج محقين بشأن تقييمهم للرأي العام، فلا شيء لديهم يخشون منه. لكن من المحتمل فقط أنهم مخطئون! وائل بدران الكتاب: كيف نوقف «بريكست» المؤلف: نيك كليج الناشر: بودلي هيد تاريخ النشر: 2017