حدثان تربويان عالميان شهدتهما دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأسبوع الماضي يبرهنان على أن القوة في اجتماع الأصالة مع المعاصرة، هنا في الدولة كتاب مفتوح لمن أراد أن يتعلم، فكثيرة هي الدول التي اعتقدت أن أصالتها تحول بينها وبين المعاصرة، وأن هناك صراعاً أزلياً بين الجذور الراسخة للدول وبين التطور والأخذ بالجديد المفيد أينما كان، بيد أن تجربة الإمارات جعلت من أهل تلك النظريات يعيدون النظر في فكرهم، فهنا تجتمع الأصالة العربية مع أحدث النظريات الغربية في بوتقة صهرت كل ذلك لإنتاج جيل معتز بهويته متفتح في عقله وفكره متطلع لمستقبل أفضل لوطنه. والحدث الأول تلخص في قوة الكلمة، كما عبر عن ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «هناك قوة في الحرف والكتاب وقوة في كلمة اقرأ.. قوة تصنع الحضارة، وعندما يجتمع 7 ملايين عربي في مشروع واحد، نعرف أننا في الطريق الصحيح». لقد كرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يوم الأربعاء الماضي الفائزة الأولى في سباق تحدي القراءة العربي عفاف رائد من فلسطين، وأما المدرسة العربية التي تسلمت جائزة المليون دولار فقد كانت مدرسة الإيمان من مملكة البحرين. وهذا التحدي جمع أمة العرب التي شتتتها دروب الحياة، ونشرت بينها العداوات تحت مختلف المسميات، بيد أن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة أثبتت بطريقة عملية أن قوة العرب في اجتماع كلمتهم، وأن جذور الالتقاء العربي أكبر بكثير من مبررات فرقتهم، فقد شارك في تحدي القراءة العربي 25 دولة عربية وأجنبية إضافة لبعض العرب من أرض المهجر، واحتضنت 41 ألف مدرسة أكثر من 7.4 مليون تلميذ تنافسوا فيما بينهم، وتحت إشراف أكثر من 75 ألف مشرف، لنيل شرف الحصول على لقب بطل تحدي القراءة العربي. وهي تجربة ليس لها مثيل تعطينا الأمل بأن وحدة العرب قادمة من جديد متى ما اجتمعت كلمة القادة لتحقيق هذا الهدف المجيد. ومن أجمل ما قرأت من تعليقات حول هذا المشروع ما غرد به سمو الشيخ سيف بن زايد ب«تويتر» عندما كتب سموه: «مبادرة سيدي محمد بن راشد تحدي القراءة العربي، هي إنجاز حضاري وإنساني، يضاف إلى صفحات التاريخ المشرق لأمة "اقرأ". مشروع تحدي القراءة العربي، هو الفارق بين من وفقه الله لنشر سلاح العلم والنور ومن اتبع الشيطان لنشر سلاح الجهل والظلام». والحدث الثاني كان في العاصمة أبوظبي فبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبتنظيم مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، شهدنا مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017 خلال الأسبوع الماضي، وهي المرة الأولى في تاريخ منظمة المهارات العالمية التي تتم خلالها استضافة المسابقة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تنافس 1300 متسابق من أكثر من 70 دولة في 51 مهارة، تضم الروبوتات المتحركة وصيانة الطائرات وتنسيق الحدائق وصياغة المجوهرات وغيرها من المهارات. وتعليقاً على هذا الحدث العالمي قال سمو الشيخ هزاع بن زايد ب«تويتر» إن «الشباب هم طاقة الحاضر والمستقبل. مسابقة المهارات العالمية 2017 تفتح أفقاً واسعاً لاستكشاف ما يمتلكه الطلبة من مواهب وإمكانات وقدرات كبيرة». فما أجملها من عقول تلك التي التقت في العاصمة أبوظبي. إن ثروة عقول الشباب معين لا ينضب ولكنه بحاجة إلى اكتشاف لمخزون تلك العقول، وبعد ذلك يتم استثمار تلك الأفكار في البناء لا الهدم، أمة تقرأ، أمة ترقى، وشباب يبتكر للمستقبل، هذه هي الإمارات.