تعداد السكان هو أكبر قضية سياسية لا يهتم بها معظم الأميركيين. ومعظم ما نعرفه عن سكان بلادنا مثل أعمارهم وعرقياتهم ودخولهم ومساكنهم، يأتينا من موظفي مكتب الإحصاء الذين دأبوا بصبر على تنظيم وتبويب عمليات المسح. والأرقام التي يوفرونها تحدد غالباً أساس الجدل السياسي بدءاً بعملية إعادة تقسيم الدوائر السياسية. وبالطبع، هناك غرض أصلي من القيام بالتعداد، وهو إحصاء عدد سكان الولايات المتحدة، وتحديد عدد النواب عن كل ولاية بناءً على ذلك. والتعداد مهم للغاية؛ لدرجة أن وزير التجارة «ويلبور روس» يستحث الكونجرس على أن يعطيه المزيد من المال حتى لا ندمر عملية التعداد. ويطالب «روس» بالحصول على 15.6 مليار دولار، وهو تقريباً ربع توقعات إدارة أوباما التي وصفها في جلسة الاستماع في الكونجرس بأنها كانت «مفرطة في تفاؤلها». وهذا بالطبع مبلغ كبير من المال. لكن ليس هكذا يجب النظر إلى إنفاق الحكومة. بل يجب النظر إلى التكلفة التي يتحملها كل أميركي، وهي 48 دولاراً لكل شخص مقابل عملية لا نقوم به إلا مرة كل عشر سنوات. وهو ثمن معقول للغاية مقابل ضمان تمثيل سياسي يضاهي بقدر الإمكان عدد السكان في كل ولاية. ولا عجب أن ترتفع التكلفة؛ لأن عدد السكان يتزايد. صحيح أننا لن نعرف مدى الزيادة في عدد السكان ما لم نجر التعداد بالطبع، لكن من المؤكد أن عدد السكان في الولايات أكبر عما كان عليه عام 2010. وإذا كان مكتب الإحصاء يريد إحصاء الجميع، فهذا سيكلف أكثر. لكن من المغري الاحتجاج بأن الحكومة ينبغي أن تكون قادرة على فعل هذا بتكلفة أقل. والشركات الخاصة تفعل هذا بالفعل بفضل الثورة التكنولوجية التي قلصت تكلفة جمع البيانات. فلماذا لا يستطيع مكتب الإحصاء اتباع خطى القطاع الخاص؟ وطرح هذا السؤال تقريباً على «روس» أثناء جلسة الاستماع، وبدا مرتبكاً قليلًا. لكنه رد في نهاية المطاف قائلاً، إن مكتب الإحصاء لا يستطيع تكرار ما تفعله الشركات بتكنولوجيا المعلومات. وهذا لأن الحكومة مقيدة بالقواعد الإدارية وأكداس القوانين التي يراد بها ضمان ألا يسيء مسؤول سلطته ويبدد أموال الحكومة، وهذا يجعل الإجراءات مملة ومصابة بخلل وظيفي. وهذا النوع من النظام نادراً ما يمكنه أن يتبنى بسهولة تكنولوجيا متطورة. ولمكتب الإحصاء مشكلته الخاصة، بالإضافة إلى المشكلات الإدارية العامة مع تكنولوجيا المعلومات في الحكومة الفيدرالية. فالمكتب يجري التعداد مرة كل عشر سنوات. وحتى إذا استطاع تصميم وتطبيق نظام متطور للغاية لإجراء التعداد، فإن الزمن سيتجاوز هذا النظام في المرة التالية التي يجري فيها التعداد. ولأن النظام لن يُستخدم إلا مرة واحدة، فلا يستطيع المرء بناءه بالطريقة التي يقوم بها وادي السيليكون، وهي البدء بنظام صغير ثم تطويره من خلال عمليات متكررة، ثم الوصول به تدريجياً إلى الحجم الكبير. وهذا النوع من النظام الذي يستخدم لمرة واحدة هو مسعى مكلف لن يبقى طويلاً حتى يولد المدخرات التي تحصل عليها الشركات من استخدام التكنولوجيا مع مرور الزمن. وليس من المرجح أن تبلغ مستواها من الجودة. والواقع أن التكنولوجيا جعلت وظيفة مكتب الإحصاء أصعب، كما أكد روس في شهادته. والتعداد عرضة للمشكلات نفسها التي تعترض عمليات استطلاعات الرأي التي تقوم بها الشركات الخاصة، وهي صعوبة إقناع الناس بالمشاركة في عمليات المسح. وأشار إلى أن الناس تغرقهم «ضوضاء» تدعمها التكنولوجيا، ويتزايد ترددهم في الاستجابة على المكالمات الهاتفية من أغراب أو فتح الباب لهم أو الإجابة عن أسئلة بشأن خصوصياتهم. ميجان مكاردل* *صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»