مدينة المريخ العلمية، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بمناسبة أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، التي عقدت مؤخراً في العاصمة أبوظبي، تجسد بوضوح طموح الإمارات الكبير نحو دخول عصر الفضاء، وترسيخ مكانتها ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء، فأهمية هذه المدينة الفضائية التي ستتخذ من داخل حديقة مشرف مقراً لها بتكلفة 500 مليون درهم على مساحة أرض تبلغ مليوناً و900 ألف قدم مربعة، لا تكمن فقط في كونها الأولى من نوعها، وإنما أيضاً لأنها تشكل أكبر مدينة فضائية يتم بناؤها على الأرض، وتعتبر نموذجاً عملياً صالحاً للتطبيق على كوكب المريخ. لقد كان استكشاف الفضاء، قبل سنوات قليلة، حكراً على الدول الكبرى، التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة القادرة إلى الوصول إليه، إلا أن الإمارات تؤمن بالقدرة على الانخراط في هذا المجال، وتعزيز إسهاماتها فيه، ما دامت تمتلك أدواته وآلياته، وفي مقدمتها الثقة بالنفس، والقدرات المادية والبشرية، وهذا ما أشار إليه بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بقوله: «إن المشروع الجديد هو خطوة جديدة تضاف إلى إسهامات دولة الإمارات في قيادة الحراك العلمي العالمي، ودورنا يتمثل في تحفيز الدول الأخرى وتشكيل قدوة ونموذج يحتذى به، للمشاركة والإسهام في مسيرة البشرية نحو الفضاء». أما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فقد عبر عن ثقته بأبناء الوطن، والاعتزاز بقدراتهم، التي تؤهلهم للانخراط في مجال الفضاء، بقوله: «ثقتنا كبيرة في عطاء كوادرنا الوطنية، وإن مشروع مدينة المريخ العلمية في الإمارات يبرهن على جدارة وكفاءة شبابنا في تحقيق الطموحات الوطنية». ولا شك في أن مدينة المريخ العلمية، التي تتضمن مختبرات للغذاء والطاقة والمياه وإجراء اختبارات زراعية متنوعة، تلبي احتياجات الدولة المستقبلية في الأمن الغذائي، فضلاً عن متحف عالمي يعرض أبرز إنجازات البشرية في مجال الفضاء، كما تتضمن مناطق مبتكرة للتعليم تهدف إلى المساهمة في إنشاء جيل يقوده الشغف نحو العلم والفضاء والاستكشاف، إنما تجسد بوضوح مدى تميز النموذج التنموي الذي تقدمه الإمارات إلى دول المنطقة والعالم أجمع، وما يرتكز عليه من مقومات وأسس قوية، سواء فيما يتعلق بالاستثمار في بناء الكوادر المواطنة القادرة على التخصص في المجالات الدقيقة، كالفضاء وغيرها من المجالات التي تعتمد على العلوم والمعارف العصرية الحديثة، أو فيما يتعلق بتطوير منظومة التعليم، التي باتت مخرجاتها قادرة على استيعاب كل ما هو جديد في مجال العلوم والتكنولوجيا الحديثة. إن أهم ما يميز فلسفة التنمية في الإمارات، هو أنها لا تسعى إلى التفوق بالمعايير الإقليمية، وإنما العالمية، وترى أن الأهداف الكبيرة هي التي تفجّر الطاقات، وتستحثّ الهمم وتعبئ القدرات، ولذلك فإنها تضع نفسها باستمرار أمام تحديات كبرى تجعلها لا تقنع بما تحقق مهما كان عظيماً، وتنظر إلى التقدم باعتباره عملية مستمرة لا تتوقف أو تتجمد عند نقطة معينة، مهما كان موقعها في القمة، وهذا هو الهدف من مشروع «مدينة المريخ العلمية»، التي تجسد كل ذلك الطموح والتحدي والإصرار على المشاركة الفاعلة مع دول العالم المتقدمة في مجال الفضاء، وتعظيم مردوداته التي تخدم البشرية، وهذا ما أشار إليه بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بقوله: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى لترسيخ الجهود الدولية لتطوير تقنيات وعلوم تفيد الإنسان، وتبني مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة، وتعمل على ترسيخ شغف الريادة والعلم في أبناء دولة الإمارات للقرون المقبلة». إن اهتمام الإمارات بالفضاء يكشف عن رؤيتها لموقعه في إطار طموحاتها التنموية الشاملة، وإدراكها لأهميته الاقتصادية، ولذلك فإنها تولي اهتماماً متزايداً بالاستثمار في الصناعات والمشروعات المرتبطة بتكنولوجيا الفضاء، وتأتي ضمن دول قليلة في العالم لديها برامج فضائية لاستكشاف المريخ، وهذا يجعلها من الدول الرائدة في تكنولوجيا الفضاء، ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي أيضاً. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية