في نهاية هذا الأسبوع، قوبل أكثر من 100 لاعب، يلعبون في دوري اتحاد كرة القدم الأميركي، رفضوا الوقوف خلال النشيد الوطني، بصرخات استهجان من قبل الجماهير في مختلف الملاعب الأميركية -وهو استهجان يستحقه أولئك اللاعبون. والأسوأ من ذلك أن اللاعبين، أقدموا على احتجاجهم المشين هذا، في العيد الوطني لأمهات النجمة الذهبية، وهو اليوم الذي تكرم فيه الأمهات الأميركيات اللائي فقدن أبناءهن في الحرب. ولكم أن تتخيلوا ما يمكن أن تشعر به هذه الأمهات، عندما يرين 100 لاعب، يمتنعون عن تحية العلم الذي لُفت به نعوش أبنائهم، وفي اليوم الذي خصصته أميركا لتكريمهم وتكريمهن. والشيء الذي يبدو أن هؤلاء اللاعبين لا يفهمونه، هو أن هناك أميركيين قد ضحوا بحياتهم، حتى يمكن أن تتاح لهم حرية ممارسة لعبة رياضية يكسبون منها لقمة عيشهم. وعندما لا يحترم هؤلاء اللاعبون العلم، فإن معنى ذلك أنهم لا يحترمون تلك التضحية. ولا يهم ما إذا كانوا قد فعلوا ما فعلوه احتجاجاً على الرئيس دونالد ترامب، أو باراك أوباما، بل المهم أن احتجاجهم بهذه الطريقة مشين في جميع الأحوال. فإذا كان لاعبو اتحاد كرة القدم الأميركي يريدون الاحتجاج على الرئيس، فلديهم الكثير من الطرق الأخرى منها، على سبيل المثال، حضور تجمع احتجاجي، أو الاحتجاج بهاشتاجات على موقع تويتر، أو التعبير عن احتجاجهم في وسائل الإعلام بعد المباراة، بأن يقولوا مثلاً: «لقد وقفنا احتراماً لأميركا ولكننا نقف ضد دونالد ترامب». أما أن يزدروا العلم فهذا ما لا يمكن قبوله بحال. ولكن هل كانت تصريحات ترامب التي حث فيها أصحاب الأندية على الاستغناء عن اللاعبين الذين يرفضون الوقوف لتحية العلم، هي التي أثارت هؤلاء اللاعبين؟ وهل كانت تلك التصريحات تنطلق من دوافع سياسية محسوبة؟ لا مراء في ذلك. ولكن هذا لا يغير أيضاً من حقيقة أن الرئيس كان على حق، وأنه لم يكن هو من بدأ الشجار، فمن فعل ذلك هو «كولين كابيرنيك» وحفنة من اللاعبين الآخرين. وعلاوة على ذلك، لم يكن ترامب هو أول رئيس يتحدث عن موضوع عدم احترام العلم. ففي عام 1988، شجب الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب، منافسه الديمقراطي مايكل دوكاكيس، لرفضه مشروع قانون يلزم معلمي ماساتشوستس بقيادة طلابهم في مراسم «التعهد بالولاء». وبصفته رئيساً، اقترح إجراء تعديل دستوري، لتجريم تدنيس العلم الأميركي. نعم، يمكن للرياضيين المشاركة في كلام، قد يسيء إلى الملايين من الأميركيين، ولكن التعديل الأول لهذا الدستور لا يحميهم أيضاً من عواقب كلامهم المسيء. وعلاوة على ذلك، فليس هناك حق منصوص عليه في الدستور لممارسة لعبة كرة قدم احترافية. وإذا اختار لاعب أن يقف خارج خطوط الملعب، ويتفوه بنعوت عنصرية، فإن حقه في التعبير، وإن كان محمياً من قبل التعديل الأول، إلا أنه مع ذلك لا يحميه من الشطب. وقد ورد في «كتيب عمليات اتحاد كرة القدم الأميركي» النص التالي «يجب أن يصطف جميع اللاعبين خارج الخطوط لأداء النشيد الوطني، وأن يقفوا في حالة انتباه، أمام العلم، وهم يحملون الخوذات في أياديهم اليسرى، ويمتنعوا عن الكلام، وإذا لم يلتزموا بذلك فسيواجهون بعقوبات انضباطية مثل الغرامات، والإيقاف، أو الحرمان من حق اختيار القُرعة في بداية المباراة». إذا لم يقم اتحاد كرة القدم الأميركي بمنع لاعبيه من عدم احترام العلم، فإن الكونجرس يجب أن يعيد النظر في بعض المزايا الاتحادية التي يتمتع بها اتحاد كرة القدم الأميركي، ومنها على سبيل المثال: حصول الاتحاد على إعفاء خاص من تشريعات منع الاحتكار الواردة في القانون الأميركي. ويشار في هذا السياق، إلى أن الديمقراطيين في الكونجرس، كانوا يناقشون بالفعل موضوع ما إذا كان ينبغي تجريد دوري كرة القدم من هذا الإعفاء بسبب استجابته الضعيفة للاتهامات الموجهة للاعبين بممارسة العنف المنزلي، أم لا. ولعل الجمهوريين الغاضبين من ممارسة اللاعبين للاحتجاج من خلال عدم أداء النشيد الوطني، سيكونون الآن على استعداد للانضمام إليهم. وفي العام الماضي، قال جون تورتوريلا المدرب الذي يشارك فريقُه في دوري الهوكي الوطني: «إذا ما أقدم لاعب على الجلوس على مقاعد البدلاء ليتهرب من أداء النشيد الوطني، فسيظل جالساً هناك طيلة المباراة». أفلا يجدر باتحاد كرة القدم، أن يأخذ العبرة من اتحاد الهوكي، ويوجه تعليمات للمدربين المشاركين في الدوري الذي ينظمه، بأن يقولوا للاعبيهم نفس هذا الكلام. مارك ثيسين كاتب الخطابات الرئيسي السابق لبوش الابن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»