هل يمكن أن تؤدي إضافة كوريا الشمالية وفنزويلا إلى ثالث حظر للسفر يفرضه الرئيس ترامب، إلى تخليصه من الأخطاء الدستورية التي شابت الحظرين اللذين صدرا من قبل؟ الحقيقة أن الإجابة يجب أن تكون بالنفي، لأنه من غير المرجح، أن يتمكن الحظر الجديد من الصمود أمام التدقيق القضائي في المنطق المخلخل الذي اعتمد عليه. أما في الواقع العملي، فيمكن للمحكمة العليا أن تغتنم هذه الفرصة لتخفيف حدة الصراع القائم بين إدارة ترامب والقضاء. في هذه الحالة، يمكن لأغلبية القضاة الإذعان، ببساطة، لمنطق ترامب وتأكيده على أن البلدان المدرجة في القائمة قد اختيرت، لأنها لا توفر معلومات تؤدي لتسهيل فحص الزائرين للولايات المتحدة. ومن شأن هذا الإذعان أن يوفر طريقة سهلة للموافقة على الحظر، بل قد يحقق نوعاً من الانفراج بين ترامب والمحاكم. والفكرة هي أن المحاكم بموقفها من الحظرين السابقين، وهذا الحظر أيضاً، تكون قد علمت ترامب درساً في أهمية سيادة القانون، وبات يمكنها الآن أن تسمح له بأن يصدر حظراً، كان يمكن تأييده منذ البداية، لو كان ترامب قد جعله معمماً؛ أي ينطبق على كل الدول، بدلاً من جعله يبدو مستهدفاً للمسلمين بشكل صارخ. والحظر الجديد الذي صدر في صورة «إعلان» من البيت الأبيض، يوم الأحد الماضي، يتضمن للمرة الأولى تبريراً، يبدو مقبولاً ظاهرياً، لحظر دخول الزائرين من الدول المستهدفة. وليس من قبيل المصادفة أن يأتي هذا الحظر الجديد في صورة إعلان، وليس في صورة أمر تنفيذي مثل سابقيه، لأن الإعلان يسمح باستخدام النتائج المتحققة، والمنطق لتبريره، في حين أن الأمرين التنفيذيين السابقين صدرا في صيغة قطْعيّة، وكانا يفتقران بشكل واضح لأدنى مسوغات يمكن الوثوق بها. ويقسم الإعلان المعلومات التي تحتاجها الولايات المتحدة من الدول، حتى لا يُفرض عليها حظر، إلى ثلاث فئات: «معلومات متعلقة بالهوية» - ما إذا كانت جوازات السفر التي يستخدمها المسافرون قانونية أم لا، «ثانياً، معلومات تتعلق بالأمن القومي والسلامة العامة»؛ أي بما إذا كانت الحكومة الأجنبية تساعد فعلاً في تحديد الإرهابيين المحتملين، وثالثاً معلومات تتعلق بـ«تقييم مخاطر الأمن القومي والسلامة العامة» - ما إذا كانت بلاد معينة تشكل خطراً أمنياً على الولايات المتحدة. من الناحية الظاهرية يبدو كل ذلك مقنعاً؛ إذ يمكن القول إن كلاً من إيران وليبيا وسوريا والصومال - وهي أربع دول ذات أغلبية مسلمة، كانت قد أُدرجت في الحظر السابق على السفر – ينطبق عليها معيار أو أكثر من المعايير المحددة في الحظر الجديد، وهو ما ينطبق أيضاً على العراق الذي أدرج في الحظرين السابقين- والذي يعاني من مشكلات في واحد أو أكثر من هذه المعايير. تشاد، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة لم تظهر في الحظر السابق ولكنها الآن، تندرج في الحظر الجديد، بديلاً عن السودان الذي استبعد من القائمة. كوريا الشمالية، المدرجة في الحظر الجديد، لا تتعاون مع الولايات المتحدة على الإطلاق. أما فنزويلا فهي على الأرجح أقل دولة تنطبق عليها تلك المعايير، بما لا يسوغ إدراجها في القائمة، وإن كان الشيء الذي يخفف من ذلك، هو أن الحظر لا يطال جميع مواطني هذا البلد، وإنما مسؤوليه الحكوميين وعائلاتهم فقط. لو استثنينا كوريا الشمالية وفنزويلا، سنجد أن الحظر ما زال مقتصراً على الدول ذات الأغلبية الإسلامية، وهو أمر يخل بمصداقيته؛ إذ ليس يعقل أنه ليست هناك بلدان غير مسلمة تشكل مخاطر أمنية على الولايات المتحدة. مع ذلك، من الممكن تماماً أن تختار المحكمة العليا- على الأقل- أن تحيل مسألة تقييم النقطة الخاصة بالأمن القومي إلى إدارة ترامب. وهذا في الحقيقة هو ما تفعله المحاكم عادة، عندما يستدعي لرئيس السلطة الممنوحة له من قبل الكونجرس بشأن استبعاد مواطنين من دول بعينها، وحظر دخولهم للولايات المتحدة، لمصلحة الأمن القومي. لو كان ترامب قد أصدر شيئاً شبيهاً بنص حظر السفر الجديد(3.0)، في بداية فترته في الحكم، لكانت المحاكم قد أجازته، على الأرجح. أما النقطة الخاصة بما إذا كان القضاة سيجيزون هذه النسخة أم لا، فتتوقف على مدى الدقة التي سينظرون بها في المنطق الذي يستند عليه الإعلان. ولكن يجب علينا دوماً أن نتذكر أن أفضل وسيلة للتعامل مع عدم التمييز هي القضاء عليه، أما الوفاق بين الفرع التنفيذي والفرع القضائي من السلطة، فيمكن أن يسمح له بأن يظل قائماً. أستاذ القانون الدستوري والدولي بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»