الحكومة القطرية الممثلة في ولاية الأمير، هي نظام حكم يُعد الوحيد في العالم الذي يشبه النظام الإيراني، وذلك بغض النظر عن المسميات المعلنة، هو نظام يدعم التطرف في المنطقة أم أنه يدعم أجندات خارجية أم يعاني من عقدة نقص داخلية أم كل ما سبق؟ فدعونا نبحث في الركائز الأساسية التي تدعم الانقسام العربي، والتي أوجدت صدعاً كبيراً يتوسع كل يوم بداية من تأسيس قناة «الجزيرة» في عام 1996، وقدوم معظم موظفي الشبكة من هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي)، ولا يحتاج ذلك للمزيد من التفاصيل. وكانت ولا تزال أجندة نظام ولاية الأمير في قطر تعمل وفق منهجية ثابتة لنشر الفوضى في العالم العربي وصولاً للمؤامرات السرية، التي أشعلت «الربيع العربي»، ودعم الحكومة القطرية، الرسمي وغير الرسمي على حد سواء، لمخطط الشرق الأوسط الكبير، وهذا يأتي في إطار علاقة قطر بـ«الإخوان»، وكون الدوحة هي الراعي الرسمي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهي تقوم بدعم كل نشاطاته وخلق ما يسمى بعناصر المعارضة، والتي تمثل معظم الدول الخليجية وتقوم بتمويلهم بكل ما يلزم للعيش في العواصم الأوروبية والآسيوية لإثارة الفتنة وتفريق الصفوف من تلك العواصم؟ الأراضي القطرية كانت ولا تزال مقر المحفظة الاستثمارية الآمنة للتنظيمات الإرهابية مثل «حزب الله»، و«الإخوان المسلمين»، و«داعش»، و«القاعدة» ومحطة دائمة لمفكري ومشايخ التطرف في الوطن العربي، وخاصة بعد تداعيات سقوط «الإخوان» في مصر، وحجم تأثر نظام «ولاية الأمير» بذلك ليتجه بعدها لدفع مبالغ طائلة لشراء الذمم دولياً، وقد كان منذ وقت طويل قد نجح في لعب دور الممول السخي لأكبر مراكز البحوث ودعم القرار في العواصم العالمية المؤثرة، وشراء رموز ومصادر ومؤسسات إعلامية وتعويم البرلمانات والأحزاب الإسلامية العربية في حملة «أخونة» البرلمانات العربية من أجل الاستيلاء على قيادات الكتل الوطنية. كما استثمرت قطر في الاقتصاد السياسي والدبلوماسية الرياضية، وراهنت على نفوذها السياسي في المعادلات الإقليمية من خلال سياسة الجزر والعصا، حيث تشارك في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب من جانب وتدعم الجماعات والميليشيات الإرهابية من جانب آخر في حروب خفية مستخدمة تكتيكات أمراء الحرب وبارونات كارتيلات المخدرات. وقد لعبت الحكومة القطرية منذ تولي الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم ليومنا هذا دوراً مهماً في إفشال جهود دول مجلس التعاون الخليجي في تبني نهج جماعي تجاه إيران والتأمين المشترك لمناطق نفوذ جديدة على الصعيد الإقليمي، ووضع استراتيجيات وخطط تجييش العقول وتوجيه بوصلة الحكومات حول التنافس الكبير فوق المناطق الإقليمية الساخنة، مثل اليمن والعراق وسوريا في عمليات استنزاف تعد دوامة كبرى بعد نصب كمين تقسيم وتسليح قوى الداخل في تلك الدول. كما استغلت قطر هيمنة الغاز الطبيعي في قطر على عقول الساسة في الغرب والشرق، كما أنها تقوم باستخدام سلاح أنابيب الغاز المستقبلية، وتمريرها عبر إيران وسوريا وتركيا، وليست أوروبا وإيران وتركيا هم المستفيدون الوحيدون من ذلك، بل الولايات المتحدة الأميركية التي قد تستفيد من فرصة توجيه ضربة لاحتكار روسيا لإمدادات الغاز الطبيعي المسال للقارة الأوروبية وتنامي مشكلات شركة «غاز بروم» الروسية والمدفوعة بالتغيرات الجذرية في سوق الطاقة العالمي، ما يفقد الكريملن سلاحه «الأكثر فاعلية» في أوروبا، ولذلك تقف روسيا بحزم، وبعنف، ضد استبدال نظام الأسد، وتريد دوراً أكبر في الأزمة القطرية، وخاصة بعد الخلافات مع الجانب التركي، وتعثر صفقات الغاز بينهم مما عزز أهمية قطر لأردوغان وعينه وفكره موجهان نحو حقل الشمال البحري، وهو أكبر حقل للغاز بالعالم تشترك فيه قطر مع إيران. وتعتبر حكومة قطر أن تكلفة تدخلها في شؤون دول المنطقة، ودعم ثورات الخراب العربي، جزء من محفظة استثماراتها الدولية، وستضطر قطر في الشهور القادمة لزيادة التنسيق مع الجانب الروسي للضغط على المصالح الأميركية في شبه الجزيرة العربية، وفي المنطقة ككل. وقد ترضخ أميركا لتلك الضغوط، وفي المحصلة النهائية يمثل استمرار عزلة حكومة قطر عملية اعتقال قسري للشعب القطري، الذي سئم من المقاطعة، التي تسببت فيها حكومته، ولم تترك للدول الأخرى خياراً غير المقاطعة، وبدأت تنكشف له بصورة جلية. إلى أين ستذهب سياسة «الولي الأمير» بقطر، فهل يتغير النظام أم الخريطة في قطر بعد أن أصبحت الحكومة تتخبط في تصريحات تارة تقول فيها إنها موافقة على الحوار وقبول الشروط وتارة أخرى تضع الشروط بدورها لقبول الشروط؟