«جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم خليجي»، التي تم فتح باب الترشح لها مؤخراً أمام التربويين من المعلمين الراغبين بالمشاركة في الجائزة وحتى نهاية نوفمبر المقبل، تنطوي على مردود قيمي ونوعي بالغ الأهمية، ليس فقط لأنها تسهم في تكريس معايير الريادة في المنظومة التعليمية والارتقاء بالمعلمين المتميزين، وتحقيق الاستدامة في التعليم، وإنما أيضاً لأنها تعيد الاعتبار إلى مهنة المعلم والتعليم بوجه عام، وتضع هذه المهنة ضمن المهن الرئيسية في دول الخليج العربي، وتعيد تشكيل توجهات الأجيال الجديدة إزاء هذه المهنة، باعتبارها تجسد أسمى المهن، لأنها تبني النفوس والعقول، وتغرس القيم السامية في نفوس النشء والشباب، وتسهم في تنشئة الأجيال المتعلمة والواعية المحبة لوطنها والواثقة بنفسها وقدراتها والقادرة على المساهمة الفاعلة في خدمة مجتمعها ووطنها. لقد جاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لـ«جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم خليجي»، في شهر أبريل الماضي، لتعبِّر عن تقدير سموه للمعلمين، والاعتزاز بعطائهم الكبير وبدورهم الفاعل في خدمة المجتمع، والذي لا يتوقف عند حد العملية التعليمية، وإنما يتجاوز ذلك ليشمل تنشئة النشء والشباب وتحصينهم ضد أية أفكار متطرفة وهدامة، فلا شك أن مهنة التدريس باتت من أهم المهن وأخطرها في وقتنا الراهن، لأنها تتصل ببناء العقول وتربية النشء في مرحلة عمرية تتكون وتتشكل فيها التوجهات والأفكار والقيم، ولذلك فإن من الضروري أن يكون العنصر المواطن هو الغالب في هذه المهنة، ولهذا فإن أحد الأهداف الرئيسية لـ«جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم خليجي» هو تشجيع المواطنين في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بوجه عام على الالتحاق بهذه المهنة السامية من ناحية، وتحفيز المعلمين على الإبداع والابتكار من ناحية ثانية، ليكونوا بحق - وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في الرسالة التي وجهها إلى المعلمين والمعلمات في اليوم العالمي للمعلمين في أكتوبر 2015- العمود الفقري لأعظم ثروة لدينا وهي الإنسان، وذلك لأن مسؤولية بناء الإنسان الإماراتي تقع على عاتقهم وتتم بأيديهم، وهم من يتحمل شرف إعداد أجيال المستقبل. في الوقت الذي تعتزُّ فيه القيادة الرشيدة في الإمارات برسالة المعلمين وبدورهم المتميز، فإنها تحرص في الوقت ذاته على تأهيلهم بشكل مستمر لمواكبة كل ما هو جديد في طرق التدريس الحديثة، وذلك من خلال مجموعة من المبادرات، التي تستهدف تمكينهم وإعدادهم، وفتح المجال أمام ابتكاراتهم وإبداعاتهم، لكي يكونوا قادرين على مواكبة المستجدات والمتغيرات في العملية التعليمية، ولهذا فإن أحد الجوانب المهمة لـ«جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم خليجي» تتمثل في المعايير والضوابط التي تنطلق منها في اختيار وتقييم الكفاءات التربوية من المترشحين، حيث تُولي الجائزة أهمية لمعايير الإبداع والابتكار والمواطنة الإيجابية والولاء والانتماء الوطني والتعلم المستدام والريادة المجتمعية والمهنية والتميز في الإنجاز، حيث سيتم منح أفضل ستة معلمين مكافأة قدرها 6 ملايين درهم بواقع مليون درهم لكل معلم، كما سيحصل أفضل 30 معلماً على دورات تدريبية للاطلاع على أفضل الممارسات التعليمية العالمية والاستفادة منها، وبهذا فإن الجائزة سيكون لها مردودها النوعي على العملية التعليمية بوجه عام في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وستمثل نقلة مهمة نحو بناء معلمي المستقبل الذين يمتلكون القدرة على النهوض بمسيرة التعليم من ناحية والمشاركة في بناء الإنسان الخليجي من ناحية ثانية، وتأهيله للمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية والنهضة الشاملة في دول المجلس. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية