في مبادرة تعدّ الأولى من نوعها على مستوى العالم، جاء تأسيس «مجلس الثورة الصناعية الرابعة» في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2016، بحيث أصبحت الحكومة الإماراتية أول حكومة تقوم بتصميم وتبني إطار عمل يتعلق بجاهزية الحكومات للمستقبل، للدور الذي تلعبه في تحسين مؤشرات القطاعات الحيوية، كالصحة والتعليم والصناعة والنقل، خدمة للصالح العام، وتوفيراً لفرص واسعة، تتحقق على إثرها معدلات عالية من التنمية الشاملة والمستدامة. وفي هذا السياق، أعلن «مجلس الثورة الصناعية الرابعة» إعداد «استراتيجية شاملة حول توظيف الأدوات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة»، وسيتم الكشف عن محاورها ضمن أعمال اجتماعات حكومة الإمارات السنوية، المزمع عقدها يومي 26 و27 سبتمبر الجاري، بحيث توفر الإطار العملي لجهود الدولة في هذا الشأن، إذ أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، الرئيس المشارك في اجتماعات مجالس المستقبل العالمية، محمد عبدالله القرقاوي، خلال مؤتمر صحفيّ عن إعداد الاستراتيجية، ضمن فعاليات اليوم الثاني من اجتماعات «مجالس المستقبل العالمية». إن تأسيس دولة الإمارات لمجلس الثورة الصناعية الرابعة، يكشف عن حجم الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة بوتيرة متسارعة، والتي أُدرجت ضمن أجندتها الوطنية، بحيث تصبح أول مختبر عالمي مفتوح لتجربة وتطبيق تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، وخاصة أن الإمارات تعدّ الدولة الأولى التي أنشأت مجلساً يهدف إلى الاستفادة من فرص الثورة الصناعية الرابعة، ومواجهة تحدياتها بشكل استباقي، بناءً على توجيهات القيادة الحكيمة، في مجال صناعة المستقبل واستشرافه، وتبني التكنولوجيا المتقدمة، التي تحقق النهضة الصناعية، القائمة على تخفيض تكاليف الإنتاج، وتأمين خدمات ووسائل نقل واتصال وخدمات ميسرة تتمتع بالكفاءة، تبنى بسواعد وعقول أبنائها البارّين. إن العمل على استراتيجية خاصة بتوظيف الأدوات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة، إنما يأتي من باب توجه دولة الإمارات للتحول نحو اقتصاد تنافسي مستدام، ومبني على التكنولوجيا والمعرفة والابتكار، من دون أن ينفصل هذا التوجه عن اتباع آليات تسهم في رفع مستوى الوعي لدى الجهات الحكومية والخاصة، سعياً إلى تحفيزها على تبني الأدوات المتوافرة جرّاء الثورة الصناعية الرابعة، بهدف تطوير العمل، ورفع الكفاءة والإنتاجية، وذلك عبر تطوير آليات التنسيق، بين الجهات الاتحادية والمحلية، وتحويل هذا التوجه إلى حراك عربي وعالمي تقوده دولة الإمارات. إن استشراف المستقبل الذي انتهجته حكومة الإمارات من خلال توظيف الأدوات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة، جعلها تعمل على تأصيل قيم التعاون والتكاتف بين العديد من المؤسسات، الحكومية والخاصة، وبأطيافها كافة، من أجل الوصول إلى الهدف العام في أن يقوم «مجلس الثورة الصناعية الرابعة» بمهامه كافة، وعلى مستوى عالمي يضم في عضويته عدداً من المؤسسات الحكومية والأكاديمية والشركات الخاصة ذات العلاقة، إضافة إلى العمل مع المنتدى الاقتصادي العالمي، لتصميم إطار عالمي للحوكمة، يحدد الأسس العامة والأطر التشريعية والتنظيمية، اللازمة لتطبيق تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة. لقد أدركت دولة الإمارات مبكراً أهمية توظيف التكنولوجيا للثورة الصناعية الرابعة في خدمة القطاعات الحيوية الاقتصادية، ومعرفة آثار تطبيق تلك التكنولوجيا على السياقات الاقتصادية والاجتماعية، بهدف تحديد الفرص الناجمة عن تطبيق تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة ضمن القطاعات الرئيسة، بهدف تحقيق أقصى درجات الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاستثمارية المقدّمة، وتقديم الدعم الاستشاري للحكومات، في مجال تطبيق هذه التكنولوجيا، والاستفادة من إطار الحوكمة الذي سيتم تصميمه بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي. إن الهدف الذي يسعى إليه المجلس في تحقيق التعاون الخاص بمجال توظيف الأدوات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة لخدمة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، لن يتوقف عند التعاون مع مؤسسات عالمية مرموقة، إنما تتطلع حكومة الإمارات إلى إطلاق برنامج خاص يهدف إلى ضم حكومات المنطقة إلى شبكة «خبراء مجالس المستقبل العالمية»، وذلك لتعزيز دورها في نقل الخبرات، وتبادل المعرفة، ودفع عجلة التنمية ضمن اقتصادات هذه الدول، من خلال انتهاج برنامج عمل يتضمن العديد من المبادرات والخطط والفعاليات، للتسريع في تأسيس أسواق عالمية تعمل ضمن الإطار الصحيح في مجالات متعددة، ضمن ستة محاور أساسية، هي: التكنولوجيا والابتكار، والاقتصاد، والمجتمع، والموارد الطبيعية والبيئة، والأمن، والحوكمة، التي من شأنها إيجاد حلول ناجعة للتحديات الناتجة عن التكنولوجيا، وتحويلها إلى فرص تعزز فرص نجاح المستقبل، وترتقي بحياة الأفراد والمجتمعات. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية