تكمن أهمية تولية الشباب وإعداد صف ثانٍ من القيادات في ضمان استمرار عجلة التنمية الشاملة، والحفاظ على المستويات المتطورة التي بلغتها الدولة. فعملية «صناعة القيادات» يجب ألا تكون مقترنة بفترة معينة أو حدث ما، بل هي عملية مستمرة ومتواصلة تحتاجها الدول والمؤسسات على حد سواء. تنجح المؤسسات التي تولت قيادتها كوادر شابة بشكل عام، نظراً لقيامها باتباع طرق وأساليب إدارة متطورة قادرة على أن تتسق مع روح العصر. البناء على النجاح هو ما يعزز المطالبة بالعمل على توسيع فرص الشباب في قيادة المؤسسات الحكومية، ويتسق مع الاتجاه العالمي للاستعانة بالشباب في المناصب المهمة. لكن الشباب طاقة خام تحتاج إلى تدريب وتأهيل أوليين. وهذا ما يجعل العملية متكاملة بين الشباب والقيادات الإدارية ذات الخبرة، إذ وضعت قيادتنا الرشيدة خططاً واستراتيجيات لتدريب وتأهيل الشباب وضخ الدماء الجديدة من الأجيال الصاعدة في مفاصل الدولة لإدارة دفة المؤسسات والدوائر الحكومية. ثمة إجماع على تأييد إسناد المناصب القيادية للشباب في مختلف المناصب القيادية. لكن الشرط يبقى في أن يكون الشاب كفؤاً ومؤهلاً ولدية خبرة معقولة ومناسبة لإدارة هذا العمل حتى لا تخرج الأمور عن نطاق سيطرته عند التعرض لأي أزمة في العمل لو لم يكن لدية الخبرة والكفاءة لإدارة هذا العمل. المستوى الذي حققه جيل الشباب الحالي في مختلف المناصب الحكومية، متفاوت من مؤسسة لأخرى. ولكن هذا الأمر في قلب اهتمام القيادة التي تنظر للأمر على أنه إنجاز جماعي وعمل بروح الفريق. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد كلنا فريق واحد، توحدنا الأهداف والطموحات التي لا تتحقق إلا بجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء. نعم فريق واحد باختلاف المستويات الوظيفية وباختلاف التخصصات والمهارات والحرف وهدفنا جميعاً واحد، وهو خدمة وطننا الغالي. ما نتمناه اليوم من القيادات كافة هو المضي قدماً وفتح الباب والمجال للصفوف الثانية والثالثة والرابعة والأخيرة، وتدريب الكوادر وتشجيعها وصقلها. فمن المفروض أنّ الخبرة والكفاءة هي التي جعلت المدير يرتقي إلى منصبه ومكانته في المؤسسة أو الشركة، لذلك يُفضل ألا يبخل المدير على العاملين معه بالمعلومات وتزويدهم بالخبرات اللازمة كي يتحسن أداؤهم لوظائفهم، ويرتفع مؤشر العمل من خلال عقد بعض المحاضرات واللقاءات، وإعطاء مفاتيح النجاح لهم لتنفيذ العمل بفعالية وكفاءة. يجب أن يتصف القادة في أروقة المؤسسات بسياسة التواصل مع أفراد المؤسسة كافة، وأن يكونوا حلقة الوصل بين أهداف البلاد العامة وتحقيقها بترجمتها بلغة عصرية تنفيذية مفهومة للكوادر، والعمل على تذليل العقبات كافة لتسهيل عمل فرق العمل في المؤسسات. ما نحتاجه هو نظرة واقعية وتقييم فعلي وتطوير مستمر لصفات الشخصية. فهذه بدورها تسهم في خلق نقاط التواصل الفعّال بين القادة في المؤسسات والكوادر داخلها. فمن المؤلم أن يواجه الموظفون التحديات التي لا تمت للإمكانيات ومقومات المؤسسة بصلة، إنما التحدي يكون بمن يدير كفة المؤسسة. مواجهة التحديات الإدارية والحكومية يجب أن تكون منفصلة تماماً عن شخصية من يدير العمل. العمل ينبغي أن يكون ممنهجاً بطريقة تجعل الشخص الكفء قادراً على القيام به من دون مواصفات شخصية خارقة للعادة. وهنا يجب أن يعي الجميع بأن هناك بعض الممارسات التي لا يعير لها البعض اهتماماً، وهي في حقيقة الأمر تعتبر التحدي الوحيد للموظفين. كما أن هناك نماذج من القيادات التي يفتخر بها الجميع، وهم عبارة عن شعلة من النشاط والإخلاص ممن يدعمون أفراد المؤسسة كافة، ويخلقون بيئة مميزة، ويحفزون الموظف لبذل المزيد من العطاء. إننا نحظى بقيادة استثنائية ضربت أروع الأمثلة في دعم الكوادر بمختلف تصنيفاتهم، وكل ما علينا هو مواكبة هذه الروح في العطاء، والعمل على التغيير والتجديد، وأن نكون على المسار نفسه، وأن نحقق طموحاتهم في أن نكون أفضل شعوب العالم ابتكاراً وتطوراً لخدمة وطننا المعطاء.