لم يكن المتحدث السابق باسم البيت الأبيض «سين سبايسر» ضحية، فقد كان يكذب عمداً في مناسبات كثيرة، وبدلاً من الاستقالة، وقف خلف المنصة، بصفته وجهاً وصوتاً للبيت الأبيض، وردد الأكاذيب مراراً وتكراراً. ومثلما يقول الصحفي «ريان ليزا»: «دافع سبايسر عن أكاذيب مثل وجود ثلاثة ملايين صوت مزيف في انتخابات عام 2016، وقضى أسابيع يستخدم قصصاً متغيرة للدفاع عن أكذوبة أن الرئيس باراك أوباما تجسس على ترامب، وفي محاولة لتفسير ضرورة الهجوم على سوريا، أوضح سبايسر قائلاً: «هناك شخص دنيء بقدر هتلر، الذي لم ينحدر حتى إلى استخدام الأسلحة الكيميائية». وكذب «سبايسر» أيضاً بشأن طبيعة اجتماع في يونيو 2016 بين مسؤولين في حملة ترامب وعدد من الأشخاص قيل أن لديهم معلومات بشأن هيلاري كلينتون حصلوا عليها من روسيا. وعلاوة على ذلك، أهان وقلّل من شأن حرية الصحافة، وشنّ هجوماً غير مسبوق على مصادر الحقيقة الموضوعية. وفي ضوء ذلك، كان من المتوقع أن يواجه «سبايسر» في حياته بعد البيت الأبيض، ازدراءً وتجاهلاً من النخب الليبرالية، وبالتأكيد من وسائل الإعلام، ولكن ذلك لم يحدث! فقد أصبح محلّ ترحيب النخب، وحلّ ضيفاً على برنامج «جيمي كيميل» الساخر ليسخر بالطبع من الأكاذيب، بل ونقلت «لوس أنجلوس تايمز» عنه قائلة: «وفقاً لسبايسر، يتجاوز الصحفيون الحدود عندما يغردون على موقع توتير أو وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، ويبدؤون في اختلاق الأساطير». وفي حين يتعين على جامعة «هارفارد» أن تقيم دورة تدريبية حول الأخلاقيات والديمقراطية مستخدمة فترة «سبايسر» نموذجاً لتهديد المجتمعات الحرة، منحته كلية «كيندي» في جامعة «هارفارد» درجة «زميل زائر». ومن هوليوود إلى كامبرديج وماسوشوستس، لم يحصل «سبايسر» فقط على فرصة ثانية، ولكن أيضاً على تعبير عن الرضا بعد أن أهان مؤسسة الرئاسة الأميركية، وشن حرباً على الصحافة ووسائل الإعلام الحرة، ولا يزال البعض يستغرب أن السياسة والثقافة الأميركية وصلت إلى الحضيض. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»