يحق لعلماء الفضاء في الولايات المتحدة الأميركية أن يحزنوا بعد احتراق مركبة الفضاء «كاسيني» في غلاف كوكب زحل يوم الجمعة الماضي، ولا سيما أنه بعد 20 عاماً على إطلاقها، تمكنت أغلى مركبة فضاء تم إرسالها على الإطلاق إلى الكواكب البعيدة، من إرسال زهاء 3.948 ورقة عملية، وما يربو على 453.048 صورة، وأسهمت في تأهيل كوكبة من العلماء الشباب الذين حصلوا على درجات الدكتوراه والتدريب بفضل هذه البعثة الفضائية. وإنجازات كتلك لا تكون رخيصة الثمن أبداً، ولكن في مناخ تقليص الميزانيات في الوقت الراهن، ومزيد من الاحتياجات الفورية، فإن اقتراح إرسال بعثات مثل «كاسيني»، التي بلغت تكلفتها 3.26 مليار دولار، ستُواجه بالرفض بكل تأكيد. غير أن الولايات المتحدة لا يمكنها تحمل خسارة المنافع الاقتصادية والدبلوماسية والاعتبارية التي يمكن أن تجلبها بعثات كبيرة مثل هذه على المدى الطويل. ويطرح ذلك أمام وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» تحدياً كبيراً ومعقداً، إذ كيف يمكنها ضمان إرسال مزيد من البعثات بتكلفة أقل؟ وعلى مدار عقود، اشتهرت «ناسا» بما يعرف بالاستكشاف البشري، وما تطلق عليه الوكالة «البعثات الاستراتيجية الكبرى» مثل «كاسيني»، ومركبة «كريوسيتي روفر» التي تدور على كوكب المريخ وتعمل بالطاقة النووية، ومسبار «هابل» الفضائي. وتتطلب هذه البعثات بشكل عام أكثر من عقد للتخطيط والدعم والحصول على مجموعات عمل كبيرة من العلماء والطلاب في مجال الفضاء لسنوات. وكقاعدة، تصل تكلفة البعثة أكثر من مليار دولار، وفي بعض الأحيان أكثر بكثير. وتلك البعثات أصبحت تشتهر بالزيادات الباهظة في التكاليف، وهو ما يضعها في مأزق سياسي وتقني. وتحاول «ناسا» تغيير سمعتها، بحيث لا يقلّص الكونجرس الأموال المخصصة لها، وقد اتخذت خطوات مثل زيادة الاحتياطيات في موازنتها، بحيث تلبي الاحتياجات التمويلية غير المتوقعة لبعثاتها المتطورة، وبالطبع تدابير مثل هذه لن تلغي كل المخاطر المالية المرتبطة بالاستكشاف، وخصوصاً عندما تكون الميزانيات والأهداف بالمليارات، إلا أنها يمكن أن تساعد «ناسا» على ضبط تكاليفها، مع ضمان استفادة الأجيال المقبلة من بعثات مثل «كاسيني». آدم مينتر كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»