في أعقاب جرائم تنظيم «داعش» الدموية في العراق، تستمر محنة ومعاناة الأقليات الدينية في سهل نينوى. لكن بدلاً من الوقوف موقف المتفرج أو إصدار قرارات نبيلة وإن من دون أسنان ومخالب، لا تفصل الكونجرس الآن سوى خطوة واحدة عن توفير الإغاثة لآلاف النازحين- ومنهم مسيحيون وإيزيديون ومسلمون- في العراق الذي مزقته الحرب. وكل ما تبقى هو تبني الكونجرس مشروع «قانون الإغاثة الطارئة والمحاسبة في العراق وسوريا»، الذي رعاه النائب كريستوفر سميث (الجمهوري عن ولاية نيوجيرزي) والنائبة آنا إيشو (الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا)، ومرر من مجلس النواب بالإجماع في السادس من يونيو الماضي. والواقع أن الإجماع في مجلس ممثلي الشعب معناه أن حكومتنا تستطيع العمل بفعالية لدعم القضايا الإنسانية النبيلة. وقد حان الوقت لكي يقوم أعظم مجلس تشريعي في العالم بواجبه. إن الأعمال الوحشية المرتكبة في شمال العراق معروفة جيداً. فقبل عقد من الزمن ونيف، أقام ما يصل 1.4 مليون مسيحي بيوتاً لهم هناك، على غرار أجيال من قبلهم. لكن من خلال هجمات «داعش» القاتلة التي أدانها البرلمان الأوروبي وأكثر من 200 عضو كونجرس كإبادة جماعية، لم يترك التنظيم الإرهابي سوى عدد قليل جداً من الأقليات الدينية والعرقية (قرابة 140 ألف في أربيل و50 ألف موزَّعين عبر البلاد). واليوم، يعيش نحو 6 آلاف لاجئ مسيحي في ظروف صعبة جداً في حاويات ملاحة بمدينة عنكاوا. وما زال قرابة 3 آلاف امرأة وفتاة إيزيدية أسيرات لدى «داعش». وقد عمد هذا الأخير إلى هدم آثار ومواقع تاريخية، بما في ذلك «دير مار إيليا» في الموصل، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى ما قبل 1400 سنة. مشروع القانون، الذي مرر بالإجماع من مجلس النواب في يونيو الماضي، ينص على استخدام وزارة الخارجية الأميركية للأموال المخصصة أصلاً لتوفير المساعدة للأقليات العرقية والدينية التي يستهدفها «داعش» بالفظاعات. وللتذكير، فالأمر يتعلق بأموال موجودة أصلاً كان الكونجرس قد رصدها لهذه النوع من الاحتياجات الإنسانية، وليس بأموال جديدة. ويهدف مشروع القانون إلى جلب العدالة إلى سهل نينوى عقب هزيمة «داعش» الإرهابي، عبر توجيه وزارة الخارجية الأميركية بدعم التحقيقات الجنائية والمحاكمات القضائية للأفراد المشتبه بارتكابهم إبادة جماعية، أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب. كما يوجّه وزير الخارجية الأميركي بحثّ بلدان أخرى على إضافة معلومات محدِّدة حول من يشتبه في ارتكابهم هذه الأنواع من الجرائم إلى قواعد البيانات وعمليات الفحص الأمني الخاصة بها. وإلى ذلك، ينص مشروع القانون على قيام وزارة العدل بمراجعة القوانين الفيدرالية المتعلقة بهذه الجرائم البشعة. بيد أنه حتى الآن، لم يعبّر أي من أعضاء مجلس الشيوخ المئة عن أدنى تحفظ أو قلق بشأن مشروع القانون؛ والحال أن تمريره من مجلس النواب بالإجماع إنما هو دليل على مزايا مشروع القانون وقيمته. غير أنه لأسباب مازالت غير مفهومة، مرّت ثلاثة أشهر دون أن تقوم لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بأي شيء للدفع به نحو الأمام. إننا -كبلد- لدينا مسؤولية خاصة للاهتمام بالمعاناة الكبيرة في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة لديها جنود على الأرض في هذا الجزء المضطرب من العالم. والمؤكد أن أسباب استيلاء «داعش» على مناطق واسعة من العراق وسوريا، ستناقَش مطولاً خلال الأشهر والأعوام المقبلة؛ ولكن ذاك النقاش يمكن وينبغي أن يتم دون أن يقف في طريق تبني رد معقول على المعاناة الإنسانية الكبيرة لآلاف المدنيين الأبرياء. والمطلوب الآن هو أن توافق لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على مشروع قانون يعكس إنسانية الشعب الأميركي وأخلاقه. كينيث ستار قاضٍ فيدرالي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»