الرئيس الأميركي دونالد ترامب قول بلا فعل في صناعة الصفقات الرئاسية. وبالإضافة إلى إغاثة الكوارث، فهذا سبب كاف كي لا يتم على الأرجح إنجاز الكثير هذا الشهر أو هذا العام. ومما أصاب «الجمهوريين» بالصدمة، هو أن ترامب أعطى «الديمقراطيين» كل ما يريدونه للحصول على توسيع مؤقت لسقف الدين والإنفاق الحكومي، وأول دفعة من المساعدات الكبيرة لضحايا الأعاصير. وتوصل ترامب إلى هذه الصفقة الصغيرة لمعاقبة بول ريان رئيس مجلس النواب و«ميتش مكونيل» زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ اللذين يلقي عليهما باللائمة في الأداء التشريعي الهزيل لهذا العام، ورغم هذا يتباهى ترامب بأنه أنجز أكثر من أي رئيس آخر منذ فرانكلين روزفيلت. وبالنسبة لكثير من «الجمهوريين» في الكونجرس، كان هذا مؤشراً آخر على أن الرئيس لا يبالي بشأن الحزب، وكلمته قابلة للتداول مثل مبادئه. وكان ترامب قد أثنى على «الجمهوريين» في مجلس النواب منذ فترة ليست بالطويلة في احتفال بالبيت الأبيض لإقرارهم مشروع قانون بديل لبرنامج أوباماكير للرعاية الصحية. ولم يكن لدى ترامب فكرة تقريبا عما يوجد في مشروع القانون، وحين حدث رد فعل، هاجم مشروع القانون ووصفه بأنه «شحيح». وألقى ترامب باللائمة على «ريان» لإقراره مشروع قانون للرعاية الصحية كان قد أيده، ولم يستطيع الحصول على أغلبية في مجلس الشيوخ. وألقى باللائمة على «مكونيل» في الحصول على قليل من الدعم من البيت الأبيض. وانتقدهما أيضا لعدم ربطهما زيادة في حد الديون بمشروع قانون يحظى بشعبية لقدامى المحاربين، وربما تم إبرام عدد من الصفقات الصغيرة. ومما يجب إدراكه أن التوصل إلى صفقة كبيرة ستمحو مشروع القانون الذي عفا عليه الزمن المتعلق برفع سقف الديون كلية. لكن تطبيق هذا سيكون صعباً والسياسات الاستقطابية تجعل الاتفاقات الجوهرية بين الحزبين شبه مستحيلة. وهناك بعض «الجمهوريين» الذين يشعرون ببعض القلق من قاعدة ترامب. و«الديمقراطيون» يعدون بالفعل إعلانات ضد المشرعين الذين صوتوا لبديل برنامج أوباماكير مشيرين إلى مدى «شح» التشريع بحسب قول الرئيس. ثم هناك كلام حض فيه ترامب على المزيد من الصفقات مع «الديمقراطيين»، مثل مشروع قانون كبير للبنية التحتية وتوفيق بشأن تخفيف القيود على الهجرة مصحوباً بطلب ترامب لبناء جدار على امتداد الحدود المكسيكية. ويعتقد «تشوك شومر» زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ أنه يعرف كيف يستفيد من ترامب، لكن قدرة «شومر» أو معظم «الديمقراطيين» الآخرين على إبرام صفقات مع ترامب مقيدة للغاية بسبب نفور جانب كبير من قاعدتهم الحزبية من الرئيس. و«الديمقراطيون» في الكونجرس ثقتهم فيه أقل من «الجمهوريين». وهناك مشكلة أخرى في إمكانية التعاون بين ترامب والحزب «الديمقراطي»، وهي أن «الجمهوريين» يمثلون أغلبية الكونجرس، ويسيطرون على قائمة الأولويات والجدول الزمني. والجمهوريون يتعاملون الآن مع أربعة فرق داخلية متميزة، وهي «المحافظون التقليديون» الذين تمثلهم القيادة، والمشرعون من الجناح اليميني، ومجموعة صغيرة من المعتدلين الذين يحدثون فارقاً في عدد من القضايا، ومنها الرعاية الصحية، وحزب ترامب الذي يقوده الرئيس، وليس له ولاء مؤسسي. وهذه ليست بيئة يستطيع فيها الزعماء «الجمهوريون» في الكونجرس تيسير مشروعات القوانين التي يفضلها «الديمقراطيون». واثنان من أكبر الاختبارات بدءاً من هذا الشهر سيكون الضرائب والرعاية الصحية. والزعماء «الجمهوريون» في الكونجرس يتعين عليهم إقرار إذا ما كانوا يريدون المحاولة من جديد في خطة لإلغاء برنامج أوباماكير واستبداله بخطة بديلة، أو المضي قدماً في التعديلات بين الحزبين التي يعمل على صياغتها «الجمهوري» لامار الكسندر و«الديمقراطي» باتي موراي. وهذه التعديلات ستواصل تقديم إعانات المشاركة في الكلفة في قانون الرعاية الصحية الميسورة مع منح الولايات المزيد من المرونة. والتحدي يتمثل في أن البديل معيب بالقدر نفسه الذي كان عليه في النسخ السابقة بينما مبادرة الحزبين ستثير حفيظة قاعدة الجناح اليميني. ويتعين على «الجمهوريين» أن يختاروا الطريق الذي سيسلكونه في الأسابيع القليلة المقبلة. وهم يواجهون أيضاً الحاجة إلى تمديد برنامج التأمين الصحي للأطفال. وإصلاح الضرائب لن يكون أسهل. ويمكننا تصور أن يدعم عدد من «الديمقراطيين» مشروع قانون متواضع يتفادى تقليص الضرائب من خلال التخلص من الثغرات أو التفضيلات الضريبية. لكن هذا غير مقبول لمعظم «الجمهوريين» الذين يريدون عمليات تقليص أكبر. وستظهر على السطح قضايا أخرى. ومن المراهنات المؤكدة أن الإدارة والكونجرس سيقدمان أموالاً لإزالة آثار الكوارث التي تتزايد كلفتها دوماً. لكن بحلول نهاية ديسمبر، فإن الأساس في ثورة ترامب قد تكون إنفاق أكبر مع عملية تقليص محدودة للضرائب إذا تم التقليص أصلاً مع عدم المساس إلى حد كبير بمشروع أوباماكير. ألبرت هانت كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»