قبل نصف قرن، رفض جورج رومني - والد مت رومني- الذي كان مديراً تنفيذياً في صناعة السيارات عدداً من العلاوات السنوية الكبيرة. وحين رفض رومني الأب العلاوات، أخبر مجلس إدارة شركته أنه يعتقد أن المدير التنفيذي يجب ألا يحصل على أكثر من 225 ألف دولار في العام ( ما يعادل نحو مليوني دولار حالياً). وذكر كاتب سيرته الذاتية أن رومني كان يخشى أن تشتت «إغراءات النجاح» انتباه الناس عن أمور أكثر أهمية. وهذا الاعتقاد نابع فيما يبدو من إيمان رومني باعتباره من طائفة المورمون، بالإضافة إلى قيود في الثقافة المالية كانت سائدة في البلاد ذات يوم. فلم يحاول رومني جمع كل دولار يستطيع الحصول عليه. والشيء نفسه كان يصدق على عدد كبير من نظرائه في الشركة. لأنه في بداية ستينيات القرن الماضي، كان كبير المديرين التنفيذيين النمطي في شركة أميركية كبيرة يحصل على 20 ضعف أجر العامل المتوسط وليس النسبة الحالية التي تبلغ 271 ضعفاً. وحالياً يحصل بعض كبار المديرين التنفيذيين على مليوني دولار في شهر واحد. وكان لثقافة التقييد القديمة عدة أسباب من بينها القانون الضريبي. وحين كان رومني يرفض العلاوات، كان معدل الضريبة الحدي (الضريبة على الدخول الإضافية) 91%. فحتى لو قبل رومني العلاوات لما حصّل منها إلا على مبلغ صافي هزيل. وبعبارة أخرى، لم تكن معدلات الضريبة العالية تؤثر فحسب على الدخول بعد خصم الضرائب للأغنياء، بل كان قانون الضرائب يؤثر أيضاً على الدخول قبل خصم الضرائب. وكما قال الاقتصادي جابرييل زوكمان: «الأمر لم يكن يستحق عناء محاولة كسب 50 مليون دولار من الدخل، على حين يذهب 90 سنتاً من كل دولار إضافي إلى مصلحة الضرائب». وبعد بضع سنوات من رفض رومني للعلاوات من شركة «أميركان موتورز» أقر الرئيس الأميركي ليندون جونسون تشريعاً خفّض بموجبه معدل الضريبة الحدي إلى 70%. وفي إدارة رونالد ريجان، انخفض هذا المعدل إلى 50% وواصل الانخفاض. ومنذ عام 1987 والمعدل يحوم بين 30% و40%. ومنذ أكثر من 30 عاماً حتى الآن، والولايات المتحدة تعيش بمعدل للضريبة على الدخول المرتفعة أقل من نصف ما كان عليه أيام جورج رومني. وأثناء هذه الفترة التي تزيد على ثلاثة عقود تزايد بشدة ما يحصل عليه الأميركيون الأغنياء. لأن مديري الشركات وآخرين لديهم ما يغريهم بالقتال على كل دولار. ونظرية تقليص الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة- وقد كنت مقتنعاً بها ذات يوم- كانت تدور حول أن خفض الضرائب يطلق العنان لطاقة الاستثمار؛ لأن جاذبية الثروة الكبيرة ستحفز أصحاب الأعمال على العمل بجد ومهارة أكبر وهذا ينعش الاقتصاد. والنصف الأول من النظرية ربما تحقق بالفعل وهو أن كثيراً من أنجح شركات العالم أميركية ومنها أمازون وآبل وفيسبوك وجوجل وإيكسون موبيل وجونسون آند جونسون وجيه. بي. مورجان تشيس. والنصف الثاني من النظرية لم يتحقق. فلم ينتعش معظم الأميركيين في عصر خفض معدل الضرائب على الدخول المرتفعة. ونمت دخول الطبقة الوسطى والفقيرة ببطء منذ عام 1980 وأبلت الفئة العليا من الطبقة المتوسطة بلاء حسناً نوعاً ما. وساهم التقلص في معدلات الضريبة على الدخول المرتفعة في تغير الثقافة تجاه المال. فقد قاتل أقوى رجال المؤسسات للحصول على أموال أكثر لأنفسهم. وفازوا عادة بالمعركة مما ترك أموالاً أقل لما تبقى من الناس. فما هو المعدل المناسب للضرائب على الدخول المرتفعة اليوم؟ لا أعلم الإجابة الدقيقة. لكن نسبة 90% من الواضح أنها ستنفر المستثمرين. لكنني مقتنع أن معدل الضرائب الحالي على الدخول العليا والبالغ 39.6% منخفض أيضاً للغاية. وهذه النسبة المنخفضة ساهمت في تزايد عدم المساواة، حيث حصل الموسرون على أكبر زيادة في الدخل قبل خصم الضرائب وأكبر خصم في الضرائب على الدخول المرتفعة. وفي الأيام القليلة المقبلة سيركز الرئيس دونالد ترامب والكونجرس انتباههم على السياسة الضريبية. والرئيس والكونجرس لا يفكران بالطبع في فرض معدل أعلى من الضرائب على الدخول المرتفعة. فهل سيتم خفض الضرائب على الأغنياء؟ الواقع أن هناك مشروع القانون يستهدف هذا بقدر كبير، بينما يتظاهر ترامب بغير هذا. وإذا حدث هذا، فإن مشروع قانون الضرائب سيستحق المصير نفسه الذي لقيه مشروع الرعاية الصحية ليتبع ذلك معارضة منظمة شديدة الحيوية. ديفيد ليونهارت: كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»