محاولة الأعضاء «الجمهوريين» في الكونجرس العمل على تقليص حجم الحكومة لا تعدو أن تكون وهماً وفقاً لما يقوله وزير الخزانة السابق «لاري سمرز» الذي يعزو رأيه هذا لأسباب وحقائق اقتصادية تركيبية أساسية. وعندما بدأ طرح الموضوع للتداول يوم الأربعاء الماضي، وضع «سمرز»، الذي يُعد أيضاً من كبار المنظرين الاقتصاديين في الحزب «الديمقراطي» الأميركي، تفسيراً للموانع السياسية الأساسية للاقتطاع من الاستحقاقات والإنفاقات الدفاعية في السنوات المقبلة. وقال: «لو أردنا التمسك بالقيم الأميركية التقليدية، فإن الحكومة تحتاج لأن تكون أكبر مما هي عليه الآن». وكان سمرز يتحدث في اجتماع تم تنظيمه في مركز الميزانية والأولويات السياسية التابع للكونجرس. وأضاف «سمرز»: ما نحتاجه الآن هو العمل على إصلاح النظام الضريبي الذي تم وضعه وفقاً لقانون تم تشريعه عام 1986 ويقضي بتحسين قانون الضرائب من دون الانتقاص من الريوع الضريبية التي تحصلها الخزينة الفيدرالية. وأما الشيء الذي لا يمكننا أن نفعله وفقاً لما قاله سمرز، فهو أن نعلن عن اقتطاعات ضريبية كتلك التي طبقت عام 1981 وأدت إلى استنزاف مليارات الدولارات من الخزينة المركزية. ومن خلال استقراء الخطط التي وضعتها إدارة الرئيس ترامب والتي كشف عنها أعضاء الحزب «الجمهوري» في الكونجرس مؤخراً، فمن الواضح أن الأمور تتجه بوضوح نحو وضع يشبه ذلك الذي شهدناه عام 1981. وعندما كان سمرز يشغل منصب مدير المجلس الاقتصادي الوطني في إدارة أوباما، وقف في وجه الجهود التي بذلها «الجمهوريون» للعودة إلى تلك الأوضاع. ولخص أربع حقائق اقتصادية تؤكد استحالة تنفيذ فكرة تقليص حجم الحكومة، يكمن أولها في الشيخوخة السكانية. وحيث أصبح الناس يعيشون أعماراً أطول، فلقد كان على الحكومة أن تضع البرامج التي تلتزم بهم وبما يزيد من أعباء الإنفاق الحكومي. ويكمن ثانيها في الارتفاع الدراماتيكي في حدة عدم المساواة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي بين السكان. وذكر سمرز بأن من واجب الحكومة الاهتمام بالموضوع ومعالجة هذه المشكلة. وتتعلق الحقيقة الثالثة بالتغيرات التي تطرأ على الأسعار الاستهلاكية والتي تؤثر بشكل قوي وسلبي على الحكومة. وتكمن الحقيقة الرابعة في ارتفاع تكاليف تحقيق الأمن الوطني. وأشار سمرز في هذا الشأن إلى أن الدول التي تنصب العداء للولايات المتحدة مافتئت تزيد من ميزانيات إنفاقها العسكري بشكل سريع وأهمها الصين وروسيا وإيران. وليس من الواقعية في شيء أن لا نرى بأن هذه الممارسات سوف تؤثر على السياسات الأميركية بالرغم من رغبة العديد من الليبراليين السياسيين بزيادة المداخيل الحكومية من خلال الاقتطاع من الميزانية الدفاعية. وقال سمرز حول هذه النقطة: «أن تنظر إلى البنتاجون باعتباره بقرة تستنزف الأموال فهذه خطيئة كبرى». وانتقد سمرز كل الخطط الضريبية التي أعلن عنها «الجمهوريون» باعتبارها خططاً تضر بالاقتصاد وتخفض العوائد الحكومية على المدى الطويل. وبالرغم من أن معظم «الجمهوريين» يبذلون أقصى الجهود من أجل وضع خطط الإصلاح الضريبي إلا أنهم يركزون على الاقتطاعات الضريبية الضخمة من الشركات الكبرى والأشخاص ذوي الدخل المرتفع. ويرى «سمرز» أن الوقت ليس ملائماً أبداً لمثل هذه الاقتطاعات الضريبية غير المدروسة. وهو يرى أيضاً أن الإصلاح الضريبي الناجح الحقيقي الذي تم تطبيقه في خطة عام 1986، لم يأتِ الا بسبب التعاون بين الرئيس «الجمهوري» رونالد ريجان والكونجرس الذي كان منقسماً على نفسه سياسياً. وبدا وكأن هذا الانقسام كان مفيداً لإمرار خطة الرئيس للإصلاح الضريبي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»