أعتقد أن قائمة موظفي البيت الأبيض والمسؤولين المهمين في الإدارة الحالية الممتعضين، أو الذين هم على خلاف مع الرئيس، وقد يتحيّنون الفرصة للانسحاب هم وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وكبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، ووزير الدفاع جيم ماتيس، وكبير المستشارين الاقتصاديين غاري كون، وهي قائمة ما فتئت تكبر مع مرور الوقت. وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن ماتيس و«كون» لم يبدّدا تماماً الإشاعات التي تفيد بأنهما ضمن هذه القائمة المفترضة، حيث قال ماتيس: «عندما يطلب منك رئيس الولايات المتحدة القيام بشيء ما، فإنك تلبّي النداء. إنني لا أعتقدُ أن ذلك يمثل الطريقة القديمة أبداً، ولا أعتقد أن ذلك شيئا قديما عفا عليه الزمن. ثم إنه لا يهمني إن كان الأمر يتعلق بجمهوري أو ديمقراطي، فنحن جميعاً علينا واجب الخدمة. وهذا كل ما في الأمر». وعلاوة على ذلك، أكّد ماتيس أيضاً أن الرئيس دونالد ترامب شخصٌ يمكن إقناعه عندما يتعلق الأمر بالمواضيع الأساسية وعن هذا قال: «لقد اختلفنا حول ثلاثة أمور خلال الأربعين دقيقة الأولى من اجتماعي معه: حول الناتو، والتعذيب، وشيء آخر، ولكنه قرّر تعييني مع ذلك. إن الأمر لا يتعلق برئيس لا يمكن إقناعه إذا وجد أن لديك حجة قوية ومقنعة». وعند تحليلنا لهذا الكلام، نجدُ ثلاثة أسباب أساسية جداً لبقاء ماتيس في إدارة ترامب. أولًا، هو شخص يستطيع على نحو فريد ثني الرئيس عن اتخاذ مواقف خطيرة وغير ملائمة. فقبل مجيء ماتيس، مثلًا، كان ترامب يصر على فكرة استخدام التعذيب، ولكن ماتيس أنقذه وجيشَنا والبلادَ من عمل كان سيشكّل انتهاكاً للقوانين الدولية وللكرامة الإنسانية الأساسية. ثانياً، ماتيس يتعامل مع ملفات تُعد على قدر كبير من الأهمية مثل الأمن القومي وحقوق الإنسان. ومع كامل احترامي لمناصب أخرى في الإدارة، إلا أن هذا هو المنصب الأهم على الإطلاق لأنه يتعلق ببقاء البلاد وأمنها. ثالثاً، على رغم أن ماتيس لا يقول ذلك، إلا أن من الصعب التفكير في أشخاص كثيرين يستطيعون القيام بما يقوم به. وبصراحة، فهو الذي يقف بيننا والكارثة الدولية، وقد تمكن بشكل أفضل من أي مسؤول آخر في الإدارة الحالية من رفض الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، والعمل بقدر ملحوظ من الاستقلالية. ثم هناك «غاري كون»، كبير المستشارين الاقتصاديين، الذي عبّر عن قلقه في المجالس العامة والخاصة بشأن تصريحات ترامب غير الملائمة حول أحداث تشارلوتسفيل. غير أن «كون»، اليهودي الأميركي، استطاع إقناع نفسه بالبقاء مع مَن قال إن ثمة بعض الأشخاص «الراقين» بين النازيين الجدد الذين كانوا يهتفون «إن اليهود لن يأخذوا مكاننا»!ولكن لماذا يعتقد «كون»، الذي يجد دفاعَ ترامب عن المعادين للسامية والقوميين البيض مثيراً للاشمئزاز، أن عليه البقاء؟ ومن جهة أخرى يقول «كون»: «إن خفض الضرائب مهم حقاً بالنسبة لي، وأعتقدُ أنها فرصة لا تتاح إلا مرة واحدة في العمر». ولكن هل هذا هو كل شيء؟ الواقع أن هذا هو أسوأ نوع من أنواع خداع النفس على الإطلاق. فأولاً، لا أحد يعتقد أن «كون» هو الشخص الوحيد الذي يستطيع إنجاز الإصلاح الضريبي لأن تلك ستكون مهمة الكونجرس في الأساس. أما داخل الإدارة، فلا شك أن وزير الخزانة ستيفن منوتشين قادر على التعاطي مع هذه الأمور. وعلاوة على ذلك، فإنه من غير الواضح ما إن كان إصلاح الضرائب سيتم -أو ينبغي أن يتم أصلاً- هذا العام بالذات. وأخيراً، يمكن القول إن «كون» إنما يخدع نفسه إذا كان يعتقد أن بقاءه في هذه الإدارة يمكن الدفاع عنه. والأكيد أنه إذا رحل غداً، فلا شيء سيتغير. باختصار، إن أعضاء الإدارة الأساسيين من أجل المساعدة على حماية البلاد يُعدّون على أصابع اليد الواحدة. أما بقية الأعضاء فقد اختاروا البقاء لأن «أناهم» يسحبهم إلى أعلى مستويات السلطة. إنهم أشخاص مساعدون ومساهمون وشركاء. جينيفر روبن* * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون ميديا سيرفس»