بالنسبة للصين ورئيسها «شي جين بينج»، تعد أحدث تجربة نووية لكوريا الشمالية صفعة على الوجه. «شي» يصف نفسه بأنه أقوى زعيم صيني منذ «ماو»، لكن الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونج أون» أحرجه مراراً وتكراراً، على سبيل المثال من خلال قتل أفراد من عائلة «كيم» كانوا مقربين من بكين. وفي آخر إهانة تسبب الاختبار النووي السادس الذي قامت به كوريا الشمالية، والذي يعد الأقوى حتى الآن، في سرق الأضواء من اجتماع قمة «بريكس» الذي استضافته الصين، ويأتي قبل موعد انعقاد المؤتمر الحاسم للحزب الشيوعي الصيني، حيث يأمل الزعيم الصيني في تعزيز سلطته على البلاد. ولا يكاد شبح الفوضى النووية يتفق مع صورة السيطرة التي يسعي إليها. ويحاول «شي» أيضاً إدارة صعود الصين إلى الطبقة العليا من الدول، ولكن إذا لم تتمكن الصين من إحكام السيطرة على كوريا الشمالية، فكيف سيتسنى لها تحدي القوى العظمى بشكل موثوق؟ وكثيراً ما يلاحَظ أن اهتمام الصين الأول فيما يتعلق بكوريا الشمالية هو تحقيق الاستقرار، ولذلك فهي متسامحة إزاء استفزازات جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية). ووابل التجارب الصاروخية التي تجريها بيونج يانج ـ وآخر اختبار نووي لها، يشكل تهديداً خطيراً للاستقرار – الأمر الذي لم يعد في وسع بكين تجاهله. وقد أعربت الصين عن «إدانتها الشديدة» للاختبار ، ولكنها غائبة عن أي تحرك لخفض 90 في المئة من المساعدات والتجارة والاستثمار التي تغدقها على بيونج يانج. إن مثل هذه التصريحات تبدو ضعيفة ولا يستطيع «شي» الفرار من الإحراج. بيونج يانج، وليست بكين، تسيطر على الأجندة الأمنية في شمال شرق آسيا وستتسبب في تغييرات عميقة ستكون لها آثار غير مواتية بالنسبة للصين. إن الأجندة الأميركية واضحة. ففي حين أن التفاوض والعمل العسكري هما خياران غير قابلين للتطبيق لحل التهديد النووي لكوريا الشمالية، هناك العديد من الاستنتاجات الواضحة. فالولايات المتحدة وحلفاؤها في اليابان وكوريا الجنوبية سيصبحون أكثر قرباً. والوجود المستقر للقوات الأميركية في المنطقة سينظر إليه باعتباره أكثر أهمية. وسيتم تعزيز الدفاعات العسكرية، لحماية القوات الأميركية وقوات الحلفاء على حد السواء في المنطقة والوطن الأميركي. وسيصبح الردع النووي الموسع أكثر بروزاً. ومن شأن العقوبات الثانوية المفروضة على الشركات التي تتعامل مع كوريا الشمالية - بما في ذلك تلك التي في الصين - أن تتسبب في خسائر. والأهم من ذلك، إذا استمرت كوريا الشمالية في الإبقاء على التوترات الإقليمية بالقرب من نقطة الغليان، فإن اهتمام الصين الرئيسي بالحفاظ على الاستقرار سيتم تقويضه. ومن ناحية أخرى، فإن العلاقات الجيدة بين بكين وجيرانها ستتعرض للتوتر. بيد أن هناك خيارات مفتوحة لبكين. فكوريا الشمالية ليست قابلة للحياة من دون الدعم الصيني الذي يمثل نحو ثلث اقتصاد كوريا الشمالية المتعسر. وإذا أوضح الجيش الصيني والحزب الشيوعي لنظرائهم أنهم أصبحوا لا يرون أن حكومة كيم يمكن الدفاع عنها، فإنها لن تكون كذلك قريباً ، إضافة إلى سلوك كيم المزعزع للاستقرار، قد تفكر بكين أن وراثة الحكم لا تتفق مع الشيوعية. ويليام توبي * كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»