أمام التهديد المباشر الذي تطرحه كوريا الشمالية والتحدي طويل المدى المتمثل في صعود الصين، تجد اليابان نفسها مضطرة للاعتماد على واشنطن التي باتت مؤخراً في حالة اضطراب وربما يصعب التنبؤ بتصرفاتها، غير أنه بدلاً من أن تنأى اليابان عن إدارة ترامب، على غرار ما فعل بعض الحلفاء الأوروبيين، زادت الحكومة اليابانية تحالفها مع الولايات المتحدة. والواقع أن العلاقات الشخصية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قوية، كما أنه لا يوجد خلاف علني بين الحكومتين حول المواضيع الأساسية، غير أنه في المجالس الخاصة لا بد أن ثمة قلقاً متزايداً في طوكيو من الإدارة الحالية، وقلقاً على الخصوص من ألا يكون التزام واشنطن بالقضاء على برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي قوياً وثابتاً، فقبل إقالته بوقت قصير، قال كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض ستيفان بانون، في مقابلة مع مجلة «ذي أميركن بروسبيكت»، ما كان الكثيرون في واشنطن يفكرون فيه: إنه ليس ثمة خيار عسكري ممكن لمنع حيازة كوريا الشمالية لسلاح نووي. وخلال اليوم الذي تلى مقابلة بانون، أوضح وزيرُ الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون موقفَ الإدارة ودافعا عن مصداقية الخيار العسكري تجاه كوريا الشمالية، وكانا واقفين إلى جانب نظيريهما اليابانيين، وزيرا الدفاع إيتسونوري أونوديرا والخارجية تارو كونو. لكن بالنسبة لليابان ليس ثمة نقاش، فبرنامج كوريا الشمالية النووي تجب إزالته، وليس احتواءه، كما قال لي كونو في مقابلة معه، عقب لقائه مع ماتيس وتيلرسون. واليابان تعتمد على التزام على الولايات المتحدة بتلك الخطة. وقال كونو في هذا الصدد: «إن هذا سيعني أن زعيم بلد لا نية له في احترام حياة وملكية وحقوق مواطنين آخرين، ستتاح له الفرصة لتهديد أو ابتزاز بقية بلدان العالم». وتابع كونو قائلاً إن على الولايات المتحدة وحلفائها الإبقاء على مصداقية التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية لدعم الجهود الدبلوماسية، مضيفاً أنه يجب على بيونج يانج أن تلبي شروطاً مسبقة صارمة قبل الشروع في أي مفاوضات. وكان ترامب قد ألمح الأسبوع الماضي إلى أنه قد تكون ثمة فرصة للحوار مع كوريا الشمالية بعد أن تخلى الزعيم كيم جونغ أون عن تهديداته بإطلاق صواريخ في اتجاه جزيرة غوام، لكن هذا ليس كافياً بالنسبة لليابان، فطوكيو تريد من ترامب مواصلة التشديد على ألا تقوم بيونج يانج بوقف الاختبارات العسكرية فحسب، ولكن أيضاً أن يؤكد على أن التخلي عن الرادع النووي الحالي خيار مطروح على الطاولة. وقال كونو: «ما لم تُظهر كوريا الشمالية نية واضحة بشأن إنهاء برنامجها النووي وتنخرط في إجراءات معينة، فلا ينبغي أن يكون ثمة أي حوار. وهناك اتفاق حول هذا مع الولايات المتحدة أيضاً». والأكيد أن اليابان اختارت الاعتماد كلياً على إدارة ترامب، لأنه لا خيار أفضل لديها، غير أن رؤيتي ترامب وآبي- كونو للتحالف بين البلدين متطابقتان، ذلك أن كليهما يدركان أن زيادة التعاون الأميركي الياباني هو الطريقة الأفضل لقيادة آسيا نحو سلام واستقرار مستديمين. لكن إلى أن تستطيع واشنطن التواصل، ثم تطبيق استراتيجية أفضل لمواجهة تهديد كوريا الشمالية ومشكلة الصين، سيواصل حلفاء مثل اليابان الشعور بالقلق بشأن رهانهم على إدارة ترامب واعتمادهم على الزعامة الأميركية. جوش روجين: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»