لقد جاءت المبادرة الكريمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بإعلان العام المقبل 2018 في دولة الإمارات العربية المتحدة مناسبة وطنية تحمل شعار «عام زايد»، لتكرّس نهج الإمارات المستدام في صون إرث الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وفي الحفاظ على مكتسبات مسيرة الاتحاد والنهضة المبهرة التي أرسى قواعدها، وفي ارتقاء قمم التنمية والريادة والأمجاد في شتى المجالات وسائر الميادين. وقد كان اختيار يوم السادس من أغسطس الماضي الذي يواكب ذكرى يوم جلوس الوالد زايد، رحمه الله، في السادس من أغسطس عام 1966، عندما تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، واختيار العام 2018 الذي يصادف الذكرى المئوية لمولد الوالد زايد لإعلان هذه المبادرة الكريمة بحد ذاته، شاهداً جديداً على استثنائية قيادتنا الرشيدة وعلى استثنائية وفاء الإمارات، قيادة وشعباً، لوالدنا الحكيم الذي لا نزال ننهل، وسنبقى، من مدرسته العظيمة أرقى الدروس وأهم العبر. ولا شكّ أن «عام زايد» الذي ستنطلق فعالياته في ربوع دولتنا الحبيبة مطلع العام المقبل، سيمثل امتداداً مباركاً ومثمراً لـ«عام الخير» الذي تشهده دولة الإمارات منذ بداية عام 2017 تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، كما أنه سيضاعف المسؤولية الملقاة على عاتق أبناء وبنات الإمارات في تعزيز الصورة المشرقة للإمارات كواحة للعطاء والبذل، كيف لا؟ وإن كان الخير هو أحد أعظم قيم والدنا النبيلة التي سيركّز «عام زايد» على تخليدها، ليس فقط في نفوس أبناء الوطن ولكن أيضاً في شتى أرجاء المعمورة التي بلغتها الأيادي البيضاء لـ«زايد الخير» على مرّ السنوات، إذ سيشكل «عام زايد» فرصة مهمة لإرسال رسالة عالمية بقِيم الوالد زايد، بما يمكّن القاصي والداني من الاستفادة من تجربته القيادية المتفرّدة التي توجته في صفحات التاريخ كواحدٍ من أعظم الشخصيات القيادية في العالم. إن الوالد زايد، رحمه الله، بما مثله، ولا يزال، من رمز استثنائي في تبني النهج الوحدوي المثمر، وترسيخ حب الوطن، وتعزيز التضامن العربي بين سائر الأشقاء، ودعم كل ما من شأنه تقريب الشعوب والحضارات والثقافات المختلفة من بعضها بعضاً على أساس الاحترام المتبادل والمحبة الصادقة، لا يزال يشار إليه بالبنان حول المعمورة كذلك، كأحد أبرز رواد النهضة والتنمية بشقيها البشري والحضاري، فهو من استطاع بحكمته النادرة وإرادته الشامخة أن يرسي قواعد ملحمة تنموية قلّ نظيرها في سرعة الإنجازات وضخامتها وإتقانها وانعكاساتها الإيجابية على بناء الإنسان وسعادته، وهو «رجل البيئة» الذي ذاع صيته كقاهر التحديات المناخية والتضاريسية الصعبة، الذي حوّل الصحراء القاحلة إلى واحة خضراءَ تنبض بالحياة. ولأن الوفاء للوالد زايد، رحمه الله، لا يقتصر على أبناء شعبه والمقيمين في كنف أرضه الطيبة وحسب، بل يتجاوز حدود الوطن إلى قلوب الملايين من محبيه من شعوب العالم ودُوله التي تكنّ له، طيب الله ثراه، كل التقدير والاحترام، جاء مؤخراً إعلان مؤسسة زايد الدولية للبيئة عن إطلاق مشروع «شجرة زايد الخير» من السودان إلى العالم، إذ زرع المشير عمر البشير، رئيس جمهورية السودان الشقيقة، «شجرة زايد الخير» في حديقة منزله، إيذاناً بانطلاق مشروع المؤسسة «شجرة زايد الخير» من السودان إلى العالم، حيث ثمّن الرئيس البشير التعاون المثمر بين السودان ودولة الإمارات على الصعد كلها، والعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، معبراً عن حبه واحترامه لشعب دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة، ومشيداً باهتمام الدولة بالبيئة. وفيما تعكس هذه الخطوة عظيم المكانة التي يحظى بها والدنا زايد على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإنها تؤكد كذلك على عمق العلاقات الطيبة التي تربط دولة الإمارات بشقيقاتها من الدول العربية، على نحو يرسّخ الدور المشرّف الذي تقوم به الدولة منذ تأسيسها في دعم وتطوير التضامن العربي في المجالات كافة. كما أنها تأتي ترجمة واقعية على الأرض لعمق العلاقة الأخوية بين دولة الإمارات وجمهورية السودان الشقيقة والتي تمثل نموذجاً متميزاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات الوثيقة بين الأشقاء العرب. ـ ـ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.