أُحس بألم ومعاناة الأشخاص الذين تحملوا تبعات إعصار «هارفي»، ولا يزالون يواجهون فيضاناً مستمراً، ومسافة طويلة على طريق التعافي. وكأمة، نحتاج إلى أن نتأهب بصورة أفضل لمثل هذه الفيضانات الكارثية، بحيث نتمكن من تخفيف أضرارها واسعة الانتشار وخسائر الأرواح. وربما تكون أمطار «هارفي» الغزيرة التي بلغ ارتفاعها زهاء متر ونصف المتر عن سطح الأرض في أيام قليلة أمراً غير معتاد، ولكن الفيضانات العارمة والأضرار وخسائر الأرواح التي تسببها ليست كذلك. وقد آن أوان وقف استخدام كلمات مثل «غير مسبوقة» و«فيضان واحد في سنوات طويلة» لنخدع أنفسنا ونصدق أننا نواجه كوارث متقطعة لا يمكن التصدي لها. فالحقيقة أن لدينا أدوات كي نتأهب، إذا كانت لدينا جرأة كافية لاستخدامها. أولاً: لابد وأن نتوقف عن البناء وإعادة البناء في المناطق التي تعاني من فيضانات متكررة. ويتطلب ذلك تصميماً سياسياً على المستويين المحلي والوطني، فالحكومات المحلية تضع قواعد تقسيم المدن، وتجمع الضرائب على العقارات، وشركات البناء المحلية تتربح من أعمال الإنشاء، ولكن لا أحد من هؤلاء يدفع مقابل إعادة البناء بعد حدوث فيضان. وإنما يدفع دافعوا الضرائب، من خلال المساعدات الفيدرالية والمحلية في حالات الكوارث. وقد أبقت قوانين التقسيم وقواعد البناء الفضفاضة نسبياً في تكساس أسعار المنازل منخفضة، ونمو عدد السكان. غير أن ذلك يحول تكاليف البناء بأسرها على عاتق أشخاص آخرين. لذا، على الحكومة الفيدرالية أن تنشر قائمة بالحكومات المحلية التي تسمح أو تشجع على البناء في مناطق تتعرض للفيضانات. وثانياً: لابد من توجيه مياه العواصف عن طريق الاستثمار في البنية التحتية الخضراء ووسائل التحكم الهندسية، مثل برك احتجاز المياه، وعمل قواطع في الأسطح التي لا تنفذ عبرها المياه. وثالثاً: لابد من التشجيع على ترك اثنين من السلوكيات التي تسبب المشكلات في المناطق التي تضربها الفيضانات وهما: الرفض واسع النطاق لشراء تأمين ضد الفيضانات، وعدم الرغبة العامة في الإجلاء. رابعاً وأخيراً: على الحكومات مواجهة تغير المناخ، والواقع أن حوادث الطقس المتطرفة من المرجح أن تحدث كثيراً. وإنكار التغير المناخي يحول دون اتخاذ الناس الخطوات الملائمة للتكيف مع الواقع الجديد. باول فيرارو: صحفي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»