هناك دائماً مطرب الأغنية الواحدة. ومر بنا كثير من هؤلاء المطربين الذين أدى كل منهم أغنية واحدة واختفى، وحصد بهذه الأغنية شعبية كبيرة سرعان ما انهارت مع أغنيته الثانية. وهناك أيضاً ممثل أو نجم الفيلم الواحد، ومحامي القضية الواحدة، وصحفي المقال الواحد، أو التحقيق الواحد، أو الخبر الواحد أو الحوار الواحد، وهناك مذيع أو إعلامي البرنامج الواحد. هي مرة واحدة يقيم أحدهم فيها الدنيا ويقعدها ثم يطويه النسيان ويتحول إلى أثر بعد عين. وتشعر بأنه مات وهو على قيد الحياة. وهناك لاعب المباراة الواحدة الذي يصول ويجول فيها ويسجل الأهداف ويكون النجم الأوحد، وبعدها «لا حس ولا خبر». وتحقيق النجومية في أيامنا هذه صار سهلاً جداً ولا يتطلب عناء. ويمكن أن يصبح أحدهم نجماً لامعاً بمجرد «بوست» على «فيسبوك» أو صورة على إنستجرام، ثم ينتهي الأمر عند هذا الحد، بمعنى أنك قد تصبح نجم النجوم بجرة «كيبورد» و«ماوس»، وأنت مسترخٍ على سريرك في غرفة النوم. ما عليك إلا أن تكون مخالفاً أو شاذاً في تعليقاتك أو سليط «الكيبورد والماوس» والقلم واللسان. وأن تسبح ضد التيار. كأن ينشر أحدهم نعياً لعزيز تُوفي، وتتوالى التعليقات «البقاء لله.. رحمه الله.. إلى جنة الخلد»، ثم تخرج أنت بتعليق مخالف قائلاً «في ستين داهية، فليذهب إلى الجحيم». هنا ستتحول إلى نجم المواقع وتصبح حديث الجميع، وتسعدك جداً التعليقات التي تسبك وتلعنك والطعنات الكلامية التي تنهال عليك. حالك هنا كحال الفتاة التي نشرت على المواقع أنها تدعو إلى تعدد أزواج المرأة، كما تتعدد زوجات الرجل، هذه الفتاة صارت نجمة المواقع، ولا أحد تعنيه النجومية السلبية أو الإيجابية. المهم أن يكون حديث الناس وشغلهم الشاغل. ولا أحد اليوم يسأل عن الحياء وقلة الحياء، ولا التطاول ولا التجاوز حتى في الدين. الكل يريد أن يكون نجماً ولو لبضع ساعات. وفي السياسة يحدث هذا أيضاً، فهناك رئيس الفترة الواحدة الذي يفوز باكتساح، ثم يخسر باكتساح في انتخابات الفترة التالية، وأظن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نجوم الشيء الواحد أو اللعبة الواحدة، أو الفترة الرئاسية الواحدة. فالرجل متصادم جداً مع اللوبي الماسوني الذي يضم «الإخواني» السني والشيعي والصهيوني.. وهذا اللوبي ضيّق مساحة الحركة على ترامب.. وصار الرجل يغرد بأقوال على «تويتر» تنفيها في لحظة أفعال اللوبي الماسوني الذي أحكم قبضته تماماً على أوروبا الغربية والولايات المتحدة، والرجل غير قادر حتى الآن وربما حتى الغد على إدراج جماعة «الإخوان» في لائحة الإرهاب رغم أنه يريد ذلك وتعهد به، وقال أكثر من مرة إن «الإخوان» جماعة إرهابية. والرجل غير قادر، وربما لن يستطيع اتخاذ موقف حاسم ضد قطر التي تدعم الإرهاب وتموّله، لأن قطر صارت محمية باللوبي الماسوني «الإخواني السني والإخواني الشيعي». وقد قال ترامب غير مرة إن قطر لا بد أن تتوقف فوراً عن دعم وتمويل الإرهاب. لكنها أقوال تناقضها أفعال مؤسسات يحكمها اللوبي الصهيوني «الإخواني» «الماسوني».. مثل وزارة الخارجية الأميركية التي حجبت جزءاً من المعونة الأميركية عن مصر بزعم ملفها المتدني في حقوق الإنسان. ولم يملك ترامب من الأمر سوى اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد فيه عمق العلاقات المصرية الأميركية وحرصه على تعزيزها مهما كانت العقبات. مجرد كلمات بروتوكولية للمجاملة، لكن ترامب لا يملك مثلاً إلغاء قرار الخارجية. ولا يمكن بأي حال استبعاد أصابع قطر الماسونية الإخوانية من قرار حجب المعونة عن مصر، والمسألة بالطبع ليست المعونة أو غيرها، ولكن المسألة تتعلق بسيطرة الماسون «الإخواني» على القرار الأميركي، وأن ترامب يغرد وحيداً خارج السرب الماسوني، بينما كان سلفه باراك أوباما منسجماً تماماً مع هذا السرب، بل هو جزء أصيل وكادر قيادي في اللوبي الماسوني «القطري الإخواني الإيراني التركي الأوروبي الغربي»، وهو الذي خرج في مظاهرة نظمها هذا اللوبي الإخواني عقب فوز ترامب بالرئاسة. والتناقض بين ترامب وفريقه الرئاسي واضح جداً.. فهو تصادم بين رئيس أميركا الذي يرى مصلحة بلاده وكيانها فوق كل اعتبار. واللوبي الماسوني الذي يريد أن يحكم العالم بصرف النظر عن الاعتبارات الوطنية. تماماً مثل لعبة الإخوان «الماسون الإسلامي»، فهم يرون الخلافة الإسلامية ولا يرون مصالح الوطن.. بل إن الوطن لا وجود له في أدبيات الماسون بكل فروعه ونسخه.. لذلك أخرج الماسون لترامب ورقة التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، وورقة الحفاظ على الاتفاق النووي مع إخوان إيران، وورقة رفض التصادم مع إخوان تركيا رغم سجلهم المتدني في كذبة حقوق الإنسان. ترامب متصادم مع الخارجية الأميركية التي تلعب لصالح الماسون في قطر وفي إيران وتركيا وفي حجب المعونة عن مصر.. وما زال أوباما بالفعل رئيساً للولايات المتحدة، أو هو الآن رئيس الظل الذي يحكم من تحت مقعد الرئاسة لا من فوقه وفي الانتخابات الرئاسية القادمة سنرى أوباما من جديد على مقعد الرئاسة الأميركية. ترامب ليس رئيساً فاشلاً.. ولكنه رئيس عاجز عن اتخاذ القرار أو هو مغلول اليدين حتى أن اللوبي الماسوني نشر الشائعات عنه بأنه مجنون أو مريض نفسياً أو عميل لروسيا وقالت عنه قطر الإخوانية الماسونية بالحرف الواحد إنه رئيس مشكوك في استمراره على مقعد الرئاسة لأن اللوبي الماسوني يعمل في كل اتجاه ضد ترامب.. وربما ينجح في تنحيته قبل انتهاء ولايته. والوحيد الذي يفعل كل شيء الآن في أميركا هو تيلرسون وزير الخارجية، لا لأنه الرجل القوي، ولا لأنه صديق قطر كما يُقال، بل لأنه عضو فاعل في فريق الماسون المتنفذ في القرار القطري والإيراني والتركي والأميركي والأوروبي الغربي، والذي يتحرك بسرعة البرق بين الغرب والشرق!