ثمة أمور كثيرة مشتركة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فكلاهما يواجه تحديات، ومشكلات قانونية أكثر منها سياسية. ومثلما يشير المراقبون في أميركا وإسرائيل، كلاهما قد واجه مشكلاته بالأساليب ذاتها، فترامب يشعر بالقلق من تحقيق المستشار الخاص «روبرت مولر» في مزاعم تواطؤ بين حملته وروسيا. وقد كان قلق ترامب من تحقيقات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك «جيمس كومي» هو ما حمله على إقالته، مسبباً حالة من الغضب دفعت بوزارة العدل الأميركية إلى تعيين «مولر» لمواصلة التحقيق. ومنذ تولي مهام منصبه، واصل «مولر» التحقيق بدأب ومنهجية في القضية، فعقد لجنة قضائية، وأصدر مذكرات ضبط وإحضار رسمية، وداهم منزل الرئيس السابق لحملة ترامب الانتخابية. ومنذ البداية، حاول ترامب استخدام نفوذه في وقف التحقيق، بداية بإقالة «كومي» ومؤخراً بحض زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونيل»، بحسب التقارير، على كبح جماح تحقيقات منفصلة في مجلس الشيوخ في المؤامرة الروسية المزعومة. وجل تلك الجهود تثير احتمالات مواجهة الرئيس لاتهامات إضافية بمحاولة عرقلة سير العدالة. وبعد الإخفاق في عرقلة التحقيق، مع تصاعد الضغوط، هاجم ترامب «الديمقراطيين» ووسائل الإعلام. ووصف جهود التحقيق برمتها بأنها «أكبر عملية تشويه في التاريخ»، ويتهم وسائل الإعلام مراراً وتكراراً باختلاق «أخبار كاذبة» من أجل التقليل من فوزه وإسقاطه. ويواجه نتنياهو أيضاً عدداً من المشكلات القانونية، من بينها اتهامات بالفساد والرشوة وخيانة الثقة. ويحقق المدعي العام الإسرائيلي في مزاعم محاولة نتنياهو تقديمه رشوة لمحرر في إحدى الصحف الإسرائيلية المعروفة في محاولة لكسب مزيد من التغطية المحابية. ويُتهم أيضاً بالتفاوض على صفقات في الخارج تتربح منها أسرته ومقربون منه، وبالحصول على هبات كبيرة غير قانونية من أحد الداعمين، وتشير التقارير إلى أنه ستتم إدانة زوجته قريباً بـ«سوء استغلال الأموال الحكومية». ومثل ترامب، رد نتنياهو بشن هجوم لاذع ضد التحقيق، بل إنه استعار بعض تصريحات الرئيس الأميركي، وفي التاسع من أغسطس، استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي مصطلح «أخبار كاذبة» أمام حشد من أنصاره، ووصف التحقيقات بأنها «غير مسبوقة» وعملية «تشويه» مهووسة ضده وضد أسرته، بهدف الانقلاب على الحكومة، معتبراً أن الهدف هو «ممارسة ضغوط مستمرة على النظام القانوني لإدانته بأي ثمن». ومن الجدير تكرار أن التحديات التي يواجهها كل من ترامب ونتنياهو قانونية وليست سياسية، وهو ما دفع بكل منهما إلى اللجوء إلى أنصارهما، والهجوم على أعدائهما، والتهديد بأنه في حالة سقوطهما، فإن أجندة القوميين اليمينيين المتعصبين الذين كانوا وراء انتخابهما ستكون في خطر، وقد نجح ذلك التكتيك بدرجة كبيرة. وربما يواصل ترامب إحراج، أو حتى انتقاد، قادة الحزب «الجمهوري»، ولكنه ليس أمراً جديداً، فقد استخدم أسلوباً مماثلاً بالهجوم على النخبة «الجمهورية» طوال حملته الانتخابية عام 2016. وفي حين عارض معظم قادة الحزب «الجمهوري» ترشح ترامب، فإنهم في نهاية المطاف استسلموا خشية خسارة التأييد القوي الذي حظي به ترامب بين الناخبين العاديين. وعلى الرغم من زيادة الغضب من زلات الرئيس، فإن «الجمهوريين» لا يزالوا يخشون من انتقاده بصورة مباشرة، وربما يرغب البعض في أن يفعل «مولر» ما يفتقدون إلى الجرأة لفعله بأنفسهم. وربما يختلف موقف نتنياهو بعض الشيء، ففي حين ينتظر كثير من الحالمين في حزب «الليكود» في الكواليس لخلافته، إلا أنه في غياب أي اتهام وإدانة، فإنهم لن يرغبوا في الانقلاب على زعيمهم وحكومته بتصويت «سحب الثقة»، خشية أن تؤدي أية انتخابات جديدة إلى تضييع حظوظهم في خلافته. ولذا، ربما يرغبون أيضاً أن ينهي المدعي العام عمله، ليضطر نتنياهو إلى الاستقالة، ومن ثم يختار الحزب من يخلفه من دون انتخابات جديدة.