عندما وقع حادث القتل في مدينة «شارلوتسفيل» كنت في جولة بمناطق عدة من العالم شملت أفغانستان بصحبة قائد القوات الجوية الأميركية الجنرال «ديفيد جولدفين» ومديرته المدنية «هيذر ويلسون» وزيرة سلاح الجو الأميركي ومساعديهما. وتفقدنا إحدى القواعد العسكرية التي تشنّ من خلالها الولايات المتحدة الأميركية الحرب الجوية الشاملة على «داعش» والعراق وسوريا. وبالطبع، الأمر لا يتعلق بامتلاكنا طائرات إف 22، وبالتأكيد ليس لأننا نؤمن بتفوق البيض، وإنما لأننا نؤمن بالتعددية، ولأنه لا يزال بمقدورنا أن نتقارب ونتوحد. والحقيقة هي أنني «مؤمن بتفوق التعددية». وكيف لا أكون، وعندما أنظر من حولي أجد قائد سلاح الجو الأميركي، وهو من أصول أوروبية شرقية، مرؤوساً لوزيرة سلاح الجو، والتي كانت من بين أوائل خريجات الأكاديمية الجوية، ومساعدتها الرئيسة هي ضابطة أميركية من أصول أفريقية برتبة مقدم. وقائد القاعدة، الذي يشرف على الحرب الجوية بأسرها، من أصول أرمينية، ونائبه الأول من أصل لبناني. وفي مركز القيادة، تعرّفت إلى اثنين من الجنود الأميركيين الذين يتحدثون الروسية، والذين يتواصلون للتنسيق من 10 إلى 12 مرة يومياً على «خط ساخن» محلي مع مقر القيادة الروسية في سوريا للتأكد من عدم حدوث تصادم بين الطائرات الأميركية والطائرات الروسية. وأحد الجنود مولود في روسيا، والآخر لم يغادر كييف سوى قبل خمسة أعوام، وأخبرني أن سبب ذلك أنه كان يحلم بالانضمام إلى سلاح الجو الأميركي، موضحاً: «إنها دولة الفرص!». وبعد ذلك، تم إطلاعنا على ملخص لمهام فريق الإبداع الحربي، الذي يُصمم خوارزمية جديدة للاستهداف الديناميكي مع زملاء لهم في وادي السليكون. وقد سألت قائدهم عن اسمه الأخير «إيتو»، وشرح لي أن والده من كوبا، ووالدته من المكسيك، بينما قدم لنا الملخص كابتن «يانج». والسبب الجوهري في أن أميركا قوة متفوقة في هذه المنطقة هو أن الجيش الأميركي يمكنه صهر جُلّ أولئك الأشخاص المختلفين في بوتقة واحدة. كما أن السبب الجوهري الذي يجعل الجيش الأميركي عالقاً في هذه المنطقة، وغير قادر على الخروج هو أن كثيراً من الناس في دول المنطقة يتقاتلون لا لشيء سوى أحلام إقصائية بالتفوق، مثل تفوق الشيعة، وتفوق العلوية، وتفوق «طالبان» والتفوق التركي والتفوق الفارسي. ومع وجود استثناءات قليلة، لا يمكنهم تقاسم السلطة بطريقة قابلة للاستمرار، ولذلك السبب نواصل هزيمة أسوأهم، وعلى الرغم من ذلك نخسر السلام، لأن أفضلهم لا يمكنه البقاء في السلطة لفترة كافية لبناء استقرار مستدام. إن التعددية مصدر قوتنا الحقيقي في الداخل والخارج، ولابد من رعايتها والاحتفاء بها وحمايتها من أعدائها في كل مكان وعلى وجه الدوام. وقد قمنا بجولة في مركز القيادة، والتي توجد بها شاشات بحجم الجدار تعرض البيانات التي تم الحصول عليها من الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار وطائرات الاستطلاع والمخابرات السيبرانية والبشرية، وأجهزة الاستشعار وطائرات تزويد الوقود جواً، وصهرها وتحويلها إلى سلسلة من قرارات الاستهداف الاستراتيجية، ولعل مشاهدة إيقاع ذلك كله يصيب المرء بالذهول. يُنشر بترتيب خاص مع «نيويورك تايمز»