لطالما تميزت التجربة التنموية في دولة الإمارات العربية المتحدة بخصوصية ميّزتها، وجعلت منها تجربة استثنائية بكل المقاييس يشهد بتفردها القاصي والداني. فبينما تمضي دولة الإمارات بكل خطاها الواثقة نحو تجسيد رؤاها التنموية الطامحة واقعاً مزدهراً ومستقبلاً مشرقاً، يضمن لأجيال الإمارات المتعاقبة الرفاهية والسعادة والعيش الرغيد، مراهنةً في ذلك على حكمة قيادتها الرشيدة وإخلاص شعبها المعطاء وإنجازات أبنائها وبناتها الريادية في المجالات كافة، فإنها تواصل التأكيد على قدرتها الاستثنائية على المواءمة بين السعي المتواصل لارتقاء قمم التحديث والتطوير في مختلف الميادين من جهة، والتشبث بالهوية الإماراتية الخالصة والحفاظ على ما تزخر به من موروث ثقافي وحضاري وبيئي أصيل من جهة أخرى. ولمتتبع ملحمة الوحدة والنهضة الإماراتية أن يعي جلياً أن هذه القدرة الفذّة على المواءمة ما بين طموحات الغد وموروث الأمس، هي ثمار الغرس الطيب الذي زرعه بكل حكمة الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حرص كل الحرص على بثّ روح الاعتزاز والفخر بالانتماء لهذه الأرض الطيبة بكل مكوناتها، ولكل ما يتقاطع معها من هوية وحضارة أصيلة، في نفوس الأجيال الإماراتية المتلاحقة. فكان للوالد زايد، رحمه الله، ما أراد، في ظل تمسك قيادتنا الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بنهجه الحكيم. ولطالما حظيت حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية باهتمام كبير من قِبل الوالد زايد -رحمه الله-، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من التكوين الإماراتي والموروث الوطني لدولتنا الحبيبة. كيف لا؟ وهو -طيب الله ثراه- «رجل البيئة» الذي استطاع خلال سنوات قصيرة تحويل أرض الإمارات رغم تحديات التضاريس والظروف المناخية إلى واحة خضراء مكرساً نهجاً إماراتياً لا حياد عنه في الاهتمام بالبيئة والاستدامة والحفاظ على التنوع البيئي والبيولوجي الذي تتميز به الدولة. واليوم فإن دولة الإمارات، في ظل التوجيهات السديدة والمتابعة الحثيثة لقيادتنا الرشيدة، تُولي الحفاظ على البيئة بمختلف فروعها جلّ اهتمامها، على نحو مكّنها من تحقيق إنجازات مشهودة كماً ونوعاً في مجال حماية البيئة، ما يعزّز سجلها المشرِّف في هذا الميدان، حيث تعتبر الحماية البيئية هدفاً لا حياد عنه لسياسات الدولة التنموية، والتي ترمي إلى زيادة المساحات الخضراء، وتطوير موارد المياه، وتحسين البيئة البحرية وحمايتها من التلوث، والحفاظ على الثروة السمكية والحيوانية، ووضع استراتيجيات لحماية التنوع البيولوجي. وضمن هذا الإطار، جاء إصدار هيئة البيئة -أبوظبي، مؤخراً، تقريرها السنوي لعام 2016 والذي استعرضت خلاله جهودها في مجال حماية البيئة وتعزيز جودة الهواء، والمياه الجوفية، والمياه البحرية، والتربة، إضافة إلى حماية التنوع البيولوجي في النظم البيئية الصحراوية والبحرية في إمارة أبوظبي، وذلك من خلال الشراكة مع الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمنظمات البيئية العالمية. وقد عبّر سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس مجلس إدارة هيئة البيئة -أبوظبي في كلمته التي جاءت في مقدمة التقرير عن شكره وعرفانه لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس الفخري لهيئة البيئة -أبوظبي، حفظه الله، على رعايتهم وتشجيعهم ودعمهم اللامحدود للهيئة، الذين لولاهم ما حققت الهيئة العديد من الإنجازات المتميزة في عام 2016، ملقياً سموه الضوء على أبرز النجاحات التي حققتها هيئة البيئة -أبوظبي خلال العام الماضي. إن دولة الإمارات تعي كل الوعي أن المضي قدماً بمسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها، والعبور الآمن بأجيالها المتعاقبة نحو المستقبل، يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالالتزام بحماية البيئة واستدامة مواردها، ولذلك فهي تحرص كل الحرص على تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، من خلال إدماج المعايير البيئية في الاستراتيجيات والخطط والسياسات والبرامج والمشروعات التنموية المختلفة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية