تفتخر قطر ووسائل إعلامها، وبالأخص قناتها «الجزيرة» وتكرر دائماً أنها أيدت ودعمت ما يسمى «الربيع العربي»، وتتهم دول الخليج الأخرى بأنها وقفت ضد ذلك «الربيع» والذي هو في الحقيقة الدمار بعينه، إذ لم تتمخض عنه أي نتائج إيجابية، بل حمل معه كوارث لم تشهدها البلدان العربية من قبل. وحتى لا نبقى ضمن العموميات، إليكم بعض النتائج التي ترتبت على «الربيع العربي» الذي تفتخر به الدوحة، تلك البيانات التي نشرتها العديد من المنظمات ووسائل الإعلام العالمية: بلغت الخسائر المادية أكثر من تريليون دولار، وهي لا تزال مستمرة ومرشحة للارتفاع في كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن والتي لا يمكن تعويضها بسهولة وستشكل كارثة اقتصادية واجتماعية ستعاني منها هذه البلدان لعقود طويلة. هناك 14 مليون لاجئ، 8 ملايين منهم خارج أوطانهم يعانون أوضاعاً معيشية مأساوية ويفتقرون لأبسط متطلبات الحياة الأساسية، وذلك بعد أن تركوا منازلهم وحياتهم المستقرة وفقدوا مصادر رزقهم والخدمات الأساسية التي تمتعوا بها، وبالأخص تعليم أولادهم وحصولهم على الخدمات الطبية. تمخض «الربيع العربي» أيضاً عن 1.5 مليون قتيل وجريح، منهم مئات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن الذين لا ذنب لهم، وذلك بفضل التمويل القادم من الخارج والذي يتم الافتخار به حالياً بدلاً من الخجل منه والاعتذار عن ما سببه من أضرار فادحة لملايين البشر في البلدان العربية. هناك ثلاثة ملايين عاطل عن العمل جراء «الربيع القطري»، كانت الأغلبية الساحقة منهم مستقرة في أعمالها وتتمتع بدخل معقول، وهي تعاني الآن أشد المعاناة للحصول على لقمة العيش فقط، ناهيك عن مستلزمات الحياة الأساسية والتي أضحت حلماً بعيد المنال بسبب هذا «الربيع» المدعوم بمليارات من عائدات الغاز. فقد الناتج المحلي الإجمالي في بلدان «الربيع» 700 مليار دولار من قيمته، وهو مبلغ كبير للغاية بالنسبة لهذه البلدان محدودة الموارد، وذلك بسبب الدمار الذي شمل آلاف المصانع والمعامل والمزارع والمؤسسات الإنتاجية والتي تتطلب عملية إعادة تشغيلها جهوداً ومساعدات كبيرة. انضم 70 مليون شخص بعد الدمار العربي إلى المجاميع التي تعيش تحت خط الفقر في البلدان العربية، وهي مشكلة تشكل عبئاً كبيراً على موارد هذه الدول ويصعب تجاوزها بسهولة. هناك أيضاً نحو 15 مليون طفل خارج المدارس، مما سيؤدي إلى تحولهم إلى فئات غير متعلمة وعالة على المجتمع ويؤدي بهم إلى الجهل وربما انضمامهم إلى الجريمة المنظمة وتهريب وتعاطي المخدرات. هذه مجرد نماذج من الخراب والدمار الذي تفتخر قطر بدعمه بحجج واهية لكسب تعاطف السذج من الناس وبتحريض من قناة «الجزيرة» التي تتاجر بعواطف الفقراء والمحرومين، أما الصورة الأشمل لهذه الأوضاع التي تمخضت عن «الربيع» المزعوم، فإنها أكثر كارثية ومأساوية بصورة لا تصدق، إذ يكفي أن ننظر إلى المدن المدمرة تماماً، كحلب والموصل وحمص وحماة، أو تلك التي عمها دمار كبير، كدمشق وبغداد وطرابلس وبنغازي. كان يمكن لقطر أن تفتخر لو سخرت هذه المليارات في تطوير البنى التحتية التي تعتبر هذه البلدان بأمسّ الحاجة إليها، مما سيؤدي إلى بناء أسس قوية لبناء المصانع والمعامل والمؤسسات والمدارس والمستشفيات التي ستشغل ملايين الأيدي العاملة، وتساهم في تطور هذه البلدان وتقدمها وتحسين مستويات المعيشة لسكانها، وهو ما قامت به الإمارات والسعودية والكويت والبحرين. إذا كانت هذه نتائج ربيعكم، فهنيئاً لقادة قطر بهذا «الربيع»، لكن في الوقت نفسه عليهم أن يدركوا تماماً أن هذه الأعمال لا تنسى بسهولة، وأن الغفران يكمن فقط في الكف عن ممارسة هذا الدور التخريبي والعمل على مساعدة الشعوب المتضررة من خلال دعم تنموي يعيد عجلة الاقتصاد للدوران من جديد، ويوفر فرص العمل وعودة الأطفال لمدارسهم والموظفين لأعمالهم والناس لحياتهم الطبيعية التي دمرها «الربيع القطري» المشؤوم.