تقوم الاستراتيجيات والخطط الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، على تركيز أولوياتها في مختلف القطاعات الاقتصادية، للمساهمة في دعم النمو والتنوع الاقتصادي القائم على تعميق الأثر الناتج لهذه القطاعات في مؤشرات التنمية الشاملة والمستدامة للدولة. وتولي السياسات الاقتصادية في دولة الإمارات جلّ اهتمامها في الدعم المباشر لقطاع المعادن المصنَّعة، بصفته واحداً من أهم القطاعات الأساسية التي تقوم عليها الاستراتيجيات الوطنية، وخاصة أن دولة الإمارات تعتبر من أكبر المصدرين العالميين للألمنيوم، ورابع أكبر منتج لأهم ثالث سلعة في العالم، بعد الصين وروسيا وكندا، إذ تصدّر ما نسبته 88% من إنتاجها إلى 35 دولة، الأمر الذي نقل الدولة من مرحلة النمو إلى مرحلة النضوج، بشكل عزز التنافسية والاستدامة للقطاع الصناعي. وفي إمارة أبوظبي وحدها، ووفقاً للأرقام الصادرة عن مركز إحصاء أبوظبي، أغسطس الجاري، بلغت قيمة تجارة الإمارة من الحديد والألمنيوم والنحاس 6.8 مليار درهم، خلال الثلث الأول من العام الجاري، بنسبة نمو وصلت 15.6% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، مشكّلةً بذلك نحو 11.6% من إجمالي تجارتها الكلية غير النفطية خلال تلك الفترة، والتي بلغت قيمتها 58.2 مليار درهم. وفي آخر إصدار للكتاب الإحصائي السنوي لإمارة أبوظبي 2017، جاءت أنشطة الصناعة الاستخراجية في مقدمة الصناعات في الإمارة، لما لها من أهمية كبرى، حيث شكلت الصناعات التحويلية نحو 6.9% من التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي في عام 2016. ولم تكتفِ دولة الإمارات بالخطوات التي تحققت فقط، بل كثّفت التركيز على قطاع المعادن المصنعة، باعتباره مساهماً كبيراً في تنويع الاقتصاد الوطني، الذي يسهم في زيادة التجارة الخارجية، وتوسيع الاقتصادات الإقليمية، وإيجاد مزيد من فرص العمل، باعتباره أحد أهم القطاعات الصناعية غير النفطية الذي يدخل في صناعات النقل والفضاء والطيران والتعبئة والتغليف، ليسهم في تعزيز وصول المنتجين المحليين إلى مستويات عالمية، وجذب المستثمرين المختصين في هذه الصناعات، خاصة في قطاع الألمنيوم، وليكون هدف الإمارات الوصول إلى طاقة إنتاجية تعادل 2.7 مليون طن متري سنوياً من الألمنيوم، بحلول عام 2020. وتواصل دولة الإمارات جهودها في الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة وتشجيع الابتكار، وتعزيز الإطار التنظيمي للقطاعات الرئيسة، بوصفها إحدى ركائز الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، بهدف تعزيز مركز الدولة التنافسي اقتصادياً، وسياحياً، وتجارياً، وركزت السياسات التصنيعية للمعادن في الدولة على اعتبار قطاع التعدين، أحد أهم الأنشطة الاقتصادية التي كانت وما تزال أساس التنمية بمختلف أشكالها، وذلك لكون الخامات المعدنية من أهم ركائز الحضارة الإنسانية الأساسية، وهي المحرك الأول لعجلة الصناعات التحويلية، الذي تعتبره الدولة أحد أبرز القطاعات التي ستسهم في تحقيق معدلات نمو كبير في حجم الناتج المحلي الإجمالي. وتسعى دولة الإمارات إلى الارتقاء بمستوى الابتكار في مجال الصناعة بمختلف مساراتها، بهدف ترسيخ الأسس لاقتصاد حيوي ومستدام، لتميزها كبيئة استثمارية، وتوافر مقومات البنى التحتية، والأطر التشريعية الشاملة والاعتمادية العالية، كعناصر قوة ستأخذ القطاع الصناعي التعديني إلى مرحلة تتوافق مع تطلعات الدولة لمرحلة ما بعد النفط، وأصبحت الخطط والبرامج الاقتصادية تركز على الصناعات الحديثة المعتمدة على المعادن والصخور الصناعية المتوافرة في البيئة المحلية، التي من شأنها أن ترفع من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني. إن دولة الإمارات تؤسس لاستراتيجياتها الصناعية، استناداً إلى توسيع مجالات المنافسة في قطاع الألمنيوم والمعادن المصنّعة، لكونها تحظى بإمكانات عالية ترفع من طاقتها الإنتاجية في هذا المجال، وتفعيل المسار التجاري له، والتفوق في مؤشرات الاستثمار أيضاً، إذ تنفق نحو 48% من إجمالي الاستثمارات السنوية في صناعة الألمنيوم في منطقة الخليج العربية، بإجمالي نفقات يقدّر بنحو 10.7 مليار دولار سنوياً، وهو ما سيضع الدولة على قمة الترتيب الإقليمي في صناعة الألمنيوم، وخاصة أن التقديرات تشير إلى أن الاستثمارات الإماراتية في صناعة الألمنيوم ستواصل الارتفاع حتى عام 2022 لتصل إلى نحو 55 مليار دولار سنوياً. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية