كان ميلاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حدثاً استثنائياً وعلامة فارقة في التاريخ، ليس فقط على المنطقة العربية، وإنما على العالم أجمع، هذه الشخصية الفذة التي حباها الله بصفات قلما توجد في عصرنا الحاضر، والتي أراد الله بها أن يحل الخير والبركة والأمن والاستقرار على يد حكيم العرب، وكما يعلم الجميع أن الفترة التي عاشها الشيخ زايد كانت مليئة بالكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن برؤيته وفطنته وحبه للحياة، استطاع تجاوز جميع تلك المعضلات. يأتي إعلان دولة الإمارات اعتماد 2018 عام الشيخ زايد، إيماناً بأن زايد رمز للعمل والخير والعطاء والتسامح والانفتاح، ففي حياته، طيب الله ثراه، واجهت المنطقة العديد من الأحداث السياسية، بدءاً من التحدي الذي واجهه في منطقة العين، وكيف تخطى ذلك بالتفاف القبائل حوله، ومن ثم حرصه على تطبيق ذلك المشروع الوحدوي على بقية إمارات الدولة، وتحقيق اتحاد شامخ يجمع سبع إمارات على قلب واحد وهدف واحد. وقبيل تحقيق الوئام بين أبناء هذه المنطقة، احتلت إيران جزر الإمارات الثلاث، واستطاع الشيخ زايد بشخصيته أن يحتوي الإشكالية، ويسعى لمحكمة العدل الدولية وبالطرق السلمية للمطالبة بالحقوق الإماراتية في الجزر الثلاث، ساعياً إلى أن يُبعد المنطقة وأهلها عن ويلات الحرب وإسالة الدماء، وبعد ذلك مرت على المنطقة أحداث جسام، منها حرب الخليج الأولى التي دارت رحاها بين العراق وإيران ودامت 8 سنوات وكادت أن تعصف بالمنطقة جمعاء، وليس عن ذلك ببعيد حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت من الاعتداء الغاشم، ووقوفه بجانب الأشقاء في الكويت، وأوامره بفتح القلوب والبيوت الإماراتية للأشقاء الكويتيين، حتى عاد لهم وطنهم، ومن بين الأحداث التي وقف فيها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بحزم وحكمة، سعيه الدؤوب لعودة مصر للحضن العربي بعد القطيعة العربية لها، والعمل على لم الشمل العربي وتحقيق الوحدة المنشودة لجميع العرب باعتبارهم أمة واحدة وحضارة راسخة، ورده على البذاءات القطرية الرامية لتفريق الأمة حينما قال، طيب الله ثراه، «لا أريد لمصر أن تقف وتواجه هؤلاء الناس. بل ترحمهم وتعلمهم كيف يتكلمون»، وفي الحديث نفسه، قال داعياً العرب إلى عودة التآلف والتآزر مع مصر العروبة: «لا يمكن أن نفرط بـ 65 مليون نسمة.. من أجل سكان فندق واحد بمصر». جميع الأحداث والمواقف التي مرت على منطقة الخليج أو الإقليم، وحتى العالمية كان يتعامل معها الشيخ زايد بالإنسانية والحكمة الصائبة والموعظة الحسنة من دون تفنيد للون وآخر وجنس على غيره، فنظرته الثاقبة وشخصيته المحبة للحياة تجّلت بالرحمة في التعامل مع الجميع، والعفو عند المقدرة، والتسامح مع الآخر، وحب الخير للجميع. وما جعل أبناء المنطقة في السابق يلتفون حوله، هو أنه لم يفرق بينهم وبين أبنائه، فالجميع عنده سواسية، فما يتمناه لأولاده، طيب الله ثراه، تجده يطبقه على شعبه، وما جعل شعوب المنطقة والعالم تترحم وتحب شخصية الشيخ زايد، تعامله معهم، وعدم تفريقه بينهم وبين شعبه، فالجميع عنده سواسية، ففي حله وترحاله يتعامل مع الشعوب على غرار تعامله مع شعبه، ولعل مصر خير مثال على ذلك، فحرصه، طيب الله ثراه، على لقائه مع أبناء الشعب المصري مثلما يلتقي مع شعبه، والسعي لتوفير الاحتياجيات لهم، جعلت منه قائداً استثنائياً محبوباً لدى الجميع. هذا العام بطبيعة الحال لن يكون عاماً عادياً، مثلما كان الشيخ زايد شخصية غير عادية، بل استثنائية بكل المقاييس، ليكون مناسبة وطنية تقام للاحتفاء بالقيم والمبادئ التي رسخها الشيخ زايد، وما جسده من مبادئ وقيم لا تزال الأساس الصلب الذي نهضت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، وما يكنه له شعبه من حب وولاء، وتخليد شخصية الشيخ زايد ومبادئه وقيمه عالمياً، كمثال لواحد من أعظم الشخصيات القيادية في العالم ومن أكثرها إلهاماً، في صبره وحكمته ورؤيته، وتعزيز مكانة المغفور له الشيخ زايد بوصفه رمزاً للوطنية وحب الوطن، ويأتي أيضاً تخليداً لإرثه وفكره ورؤيته.