تحت عنوان "جعجع والفيدرالية النازلة من جرود عرسال"!، قرأت يوم الأحد الماضي مقال د.رضوان السيد، وأود الرد على ما ورد فيه. أولاً، "القوات اللبنانية" لم تعلن عن أي مؤتمر صحفي للدكتور سمير جعجع، كما ذكر الدكتور رضوان. وثانياً، لم يقل رئيس "القوات" إطلاقاً إنه "لو راجع المرء تصرفات وإنجازات حزب الله فيما بين مقاتلة إسرائيل ومقاتلة الإرهاب، فإن الحكم التقييمي على هذه الإنجازات يكون إيجابياً"، ونتحدى الدكتور السيد أن يُظهر لنا اين قال جعجع هذا الكلام، فيما كان أكد الدكتور جعجع أن (الخلاص من جيب «النصرة» على الحدود بين لبنان وسوريا، بالمطلق نعم نتيجته إيجابية. لكن يجب ألا نخلط هذا الموضوع مع مشكلة لبنان الأساسية، التي هي تأخر قيام دولة فعلية في لبنان، والذي يؤخر قيام دولة فعلية، هو وجود «حزب الله» بالشكل الذي هو فيه، ومصادرته القرار الاستراتيجي، وإذا أراد السيد حسن نصرالله أن يهدي اللبنانيين «شغلة بتحرز»، ليهد سلاحه إلى الجيش اللبناني، وينصرف للعمل السياسي)، وفي مجال آخر قال جعجع إن (ما قام به «حزب الله» يندرج في سياق مشروعه الإقليمي أولا وأخيراً). ثالثاً، الواقع السوري الذي يخضع لنفوذ قوى دولية وإقليمية عدة دفع الدكتور جعجع إلى توصيف الواقع على ما هو عليه الآن على الأرض والموزع بين مناطق نفوذ متعددة، وأبدى الدكتور جعجع شكوكه في أن يستمر هذا الوضع في سوريا، وأكد بالمقابل تمسكه باتفاق الطائف، وبالتالي في حال أراد الدكتور السيد توصيف الواقع اليوم في سوريا ماذا يقول؟ وهل يمكنه توصيفه خارج إطار توصيف الدكتور جعجع؟ ولكن المستغرب أن يستوحي الدكتور السيد من كلام الدكتور جعجع عن توصيفه الواقع السوري ليعود بالذاكرة إلى زمن الحرب اللبنانية، والتذكير بطرح "القوات" للفيدرالية في ثمانينات القرن الماضي، متناسياً أن السبب الرئيس لذاك الطرح وجود من كانوا مع الوطن الفلسطيني البديل في لبنان، فيما "القوات" واجهت الثورة الفلسطينية على الأرض اللبنانية، تحقيقاً لمصحة الشعبين اللبناني والفلسطيني، وطوت الصفحة الصراعية مع الفلسطينيين منذ لحظة خروجهم من لبنان، وهي من أكثر الداعمين للسلطة الفلسطينية في سعيها إلى السلام على أساس الدولتين. أخيراً، يتهم د.رضوان سمير جعجع بسعيه إلى رئاسة الجمهورية ككل ماروني، وأن "تحوله" السياسي مرتبط بهذا الموقع الذي شكل "إيصال" حزب الله للرئيس ميشال عون نموذجاً يحتذى، متناسياً أن السبب الرئيس لترشيح جعجع لعون كان ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية، ومتناسياً أن "الجمهورية القوية" شكلت برنامج الدكتور جعجع الرئاسي، وأبرز عناصرها الوصول إلى جمهورية خالية من السلاح غير الشرعي ومن الفكر السياسي غير الشرعي وغير اللبناني، ومتناسياً أن أحد أبرز أسباب اعتقال جعجع سعيه إلى الجمهورية القوية. شارل جبّور* *صحافي لبناني