تأتي الأخبار من إيران بأن الملالي تلقوا تحذيراً من نزولهم للمدينة أو الأسواق، فقد تعرض أكثر من رجل دين للضرب والاعتداء حتى الموت بسبب شعور الناس بأنهم السبب في خراب إيران وتفشي البطالة بين الشباب والفقر بين عامة الناس. وما من شك أن فساد الطبقة الدينية في إيران عامل أساسي في الفشل الاقتصادي لهذه الدولة الغنية، فإيران مصدرة للبترول ودولة زراعية وبها ثروة معدنية وبحرية ولديها أياد عاملة ماهرة، وبالتالي لا يوجد سبب لكل هذه المعاناة إلا من خلال الفساد، الذي يجعل ثروات البلاد تصب فقط في مصلحة بعض الأفراد. فالطبقة الثرية في إيران تتمثل في الملالي أو أصحاب العمائم، الذين استطاعوا منذ أعوام طويلة استغلال ثروات البلاد وتحويلها إلى أرصدة بنكية ذات أرقام فلكية، وذلك في الوقت الذي يرزح عامة الإيرانيين تحت وطأة الفقر والعوز. فاستغلال الدين هنا تحول إلى واجهة للاستعراض والاستعلاء الذي عايشه الملالي علناً وبلا أدنى ذرة حياء، وكان الدين صكوك ثروات تخصهم وحدهم فقط لهم الحق فيها وفي استغلالها أبشع استغلال. وقد توفي أحد المعممين في أسواق طهران بسبب اعتداء مجموعة من الشباب بالضرب عليه. وربما كانت هذه الممارسات الفردية هي شرارة توتر واضطرابات شعبية عامة، تطيح بكل هؤلاء الأصنام الذين تحولوا إلى تجار جشعين لا يفكرون أبعد من أنوفهم. وهؤلاء التجار هم أنفسهم الذين انتهكوا حرمة العراق وسوريا بحجة محاربتهم للإرهاب، وهم عين الإرهاب بكل ما تحويه هذه المفردة من دلالات، ولم يقتصر إرهابهم على الشعوب العربية المنكوبة، وإنما امتد لشعبهم المسجون. فكم تحوي السجون الإيرانية من مثقفين وسياسيين معارضين لهذا الفساد الذي يرتدي مسوح الدين. فالقمع الذي تمارسه الحكومة تجاه الشعب، لابد أن تكون له نهاية، وهذا الهدر المالي الذي تمارسه الدولة الإيرانية بوتيرة منقطعة النظير على مر التاريخ لن يكون بلا نهاية أو عواقب، وعاقبته ربما تأتي مباغتة لم يتوقعها هؤلاء الطغاة. ولربما أن الثورة التي أطاحت بالشاه وبحكمه لن تكون بعيدة عن شعب سحقته الحاجة والمظالم والفساد وسطوة رجال الدين واستغلالهم لجهل العامة.