بصفتي صحفية تركية، قضيت معظم سنوات عملي أنتقد السياسيين، ولطالما اعتبرت أن تلك هي وظيفتي! إلا أنني الآن أجد نفسي في وضع غير معتاد من خلال مدح أحد أولئك السياسيين، وهو السيناتور جون ماكين، عضو مجلس الشيوخ «الجمهوري» عن ولاية أريزونا. وعندما علمنا الأسبوع الماضي أنه مصاب بسرطان الدماغ، لم يهز الخبر الساحة السياسية في واشنطن فحسب، ولكنه صدم أيضاً مجتمع المدافعين عن حقوق الإنسان في أرجاء العالم. والمثير للدهشة أن عالمي السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان لا يتفقان تقريباً على أي شيء، غير أن «ماكين» يحظى باهتمام كبير في كلا العالمين. ولعل ذلك يُساعد في كشف السبب الذي جعل تشخيص حالته الطبية يتصدر الأنباء ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن أيضاً في أرجاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا. ومنذ إعلان خبر مرضه، لم يتوقف هاتفي عن الرنين، حيث اتصل أصدقاء صحفيون ونشطاء من أفغانستان وأوكرانيا ومن مصر وتركيا، يعربون عن صدمتهم بذلك النبأ. وقد كانت المرة الأولى التي التقيت فيها ماكين في اجتماع ببروكسل أثناء إدارة جورج بوش الابن. وفي ذلك الوقت، كان الاتحاد الأوروبي غاضباً بسبب الرحلات السرية وسياسات التعذيب التي انتهجتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وقد كان موقف «ماكين» واضحاً وثابتاً ضد التعذيب، وهو ما سبّب ارتياحاً كبيراً لدى حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، إلى درجة أن أحد الدبلوماسييين الألمان قال لي: «إن العالم سيصبح مكاناً أكثر أمناً لو تولى السيناتور (ماكين) الرئاسة الأميركية». والتقيت السيناتور عدة مرات مؤخراً في مخيم للاجئين السوريين في تركيا. وحينئذ، كنت قد ذهبت إلى كثير من المخيمات وغطيت عدداً من الاجتماعات رفيعة المستوى. وعلى النقيض من الزائرين رفيعي المستوى الآخرين، قضى «ماكين» معظم وقته يتحدث بالفعل مع السوريين الذين اضطروا إلى الفرار من وطنهم الذي مزقته الحرب. وقد كان من المثير للدهشة أن أرى سياسياً لا يعبأ بالصور، ويهتم باللاجئين أنفسهم أكثر من البيانات الصحفية الرسمية من سلطات المخيم. ---------------- بريفان أوروكوغلو* * منسقة لدى معهد «ماكين» للقيادة الدولية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»