طبول الحرب تقرع بشدة، وتتعالى أصواتها في قلب العالم العربي ليسمعها العالم أجمع إلا من يقطن في داخل الوطن العربي الكبير، فتشارك أميركا في قيادة العالم اليوم مع الدول التي تُدار بنظام المصانع المعرفية العملاقة وقوى التكتلات الاقتصادية الكبرى وتحالفات متوازنة. ورفعت الصين شعار أفعال وأرقام لا أقوال والنهوض الجديد للروس لتحرك نقاط الصراع في العالم، ضمن عقيدة جديدة ذات طابع «عسكري- اقتصادي». ومن جهة أخرى، تؤمن موسكو بأن حلف «الناتو» بقيادة واشنطن حاصرها قرب منطقة البحر الأسود الاستراتيجية، والحلف يعمل على تشييد مقر ثاني له في بولندا، وسيتم الانتهاء منه بحلول عام 2018 ناهيك عن تزايد أعداد السفن وأنظمة الرادار الموجودة أصلاً في منطقة البحر المتوسط، وبالتالي يواجه الروس وجود منظومة الدرع الصاروخي لحلف «الناتو» على الأبواب الروسية لينقلوا بدهاء المعركة إلى الداخل الأميركي المتمثل هنا بداخلها بالتبعية- أي في منطقة الشرق الأوسط، ضمن معركة للسيطرة على البحر المتوسط مفترق طرق العالم، ووجود الأسطول الأميركي الخامس والسادس أسفر عن نتيجة تلقائية، تمثلت في تواجد الأسطول الروسي والصيني في ميادين الصراعات الإقليمية لأجل إعادة التوازن في العلاقات الدولية، مما من شأنه تحقيق التوازن مع القوات البحرية لحلف شمال الأطلسي، وضمان الأمن الاقتصادي لتلك الدول. ففي الوضع السوري تهديد مباشر للأمن القومي الأميركي، حيث تعتبر سوريا جبهة متقدمة لحلف شنغهاي وخاصة أن الصين تضع بعين الاعتبار بأن توسعها كإمبراطورية حول العالم عن طريق مشروعها الاقتصادي «الحزام والطريق»، سيفرض لا محالة نمو التنين الصيني كقوة عسكرية عالمية تُوجه لها دعوات مفتوحة لتتدخل من خلالها متى وأينما شاءت في شؤون الغير عن طريق قواعدها الاقتصادية. وفي المقابل، يبرز دور لعبة الأيادي النظيفة، أي ضمان وجود العديد من نظم الحكم الفاشلة، وخلق «إسلامات» في الشرق الأوسط بدلاً من «إسلام واحد»، ويقطع العالم الإسلامي إرباً في صراع داخلي وتصفية حسابات داخلية بجانب العبث تحت مسمى حماية المذهب الديني بتعزيز الطائفية. ونشير هنا كمثال على التجاوزات التي لا تفسير منطقي لها ما حدث إبان تواجد «داعش» في الموصل وفي الطريق الذي يربط بين الموصل في العراق و"الرقة" في سوريا، حيث صدرت الأوامر من القيادات السياسية للقيادات العسكرية بعدم التعرض لناقلات النفط والقوات «الداعشية» في ذلك الطريق، ولم يكن هناك قصف واستهداف جوي لأهداف سهلة في متناول اليد مما يعطينا مؤشراً لماهية الصراع في المنطقة. فأميركا تواجه تهديد العملة الرقمية «بيتكوين» والتي تغلبت في هذا العام لأول مرة على قيمة الأونصة الواحدة من الذهب بعد انهيار قيمتها عام 2014، ولن يجدي احتياطي الذهب الأميركي، وهو الأعلى في العالم الحكومة الأميركية نفعاً كمستودع للقيمة و ضمان لتخليص الوعود أذا ما نجحت الصين وروسيا والهند والبرازيل وإندونيسيا وجنوب أفريقيا في الاتفاق في ما بينها على عملة الإلكترونية لمواجهة الدولار الأميركي، مما سيضر بمخزون الذهب العالمي والاقتصاد وتنهار البنوك التقليدية. فالعالم تحت صفيح ساخن، وليس في الشرق الأوسط وحده فهناك تحركات للقوات الصينية باتجاه الشريط الحدودي مع كوريا الشمالية وإعلانها حالة التأهب من الدرجة الخامسة، وأميركا ترسل السفن الحربية إلى سواحل كوريا الشمالية، وبالمقابل هناك تنامي لقدرات الجيوش الإلكترونية، والتي تشل حركة العدو في دقائق معدودة. ومما يقلق أميركا قدرات الصاروخ البالستي الصيني على ضرب أي مكان في العالم في نصف ساعة فقط، من جهة أخرى قامت روسيا بتدريبات للطوارئ لأكثر من 40 مليون شخص من العسكريين والمدنيين، وذلك لإعدادهم وتحضيرهم في حال حدوث حرب نووية أو بيولوجية قادمة ومن روسيا لكوريا الشمالية، حيث تعزز بيونج يانج من قدراتها النووية ومنظومة تكنولوجيا الصواريخ البالستية لديها. كما أن إيران بدورها تهدد بسحق دول الخليج العربي الرافضة للتطبيع الأمني والعسكري معها، وتركيا تعلنها صراحة، فقد دخلت الخليج العربي، ولن ترحل عنه، ناهيك عن قانون «جاستا»، والذي سيتبعه قوانين آخر أشد فتكاً لضرب العالم الإسلامي بعنف، وبلا هوادة وإخضاع المنطقة بالتهويل من التهديد العسكري (الوجود الإيراني التركي كورقة ضغط جديدة)، والضغوط الاقتصادية، والخلافات الداخلية لقبول الواقع فمن دون اتفاق مسبق لن تجرأ تركيا ولا غيرها على التطاول على السيادة العربية، فمتى يفهم العرب فحوى الرسالة، وتفهم القيادات أن الوضع انتقل من التخطيط للتنفيذ وناقوس الخطر يدق بنحو متسارع.