منذ اندلاع الأزمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية من جانب ونظام الحكم في قطر من جانب آخر، والمواطن العربي تتكشف له يومياً حقائق صادمة عن الدور القطري طيلة عقدين ونيف في نشر الفتن وخلق الأزمات ودعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، وعلى رأسها «الإخوان المسلمون»، ولعل ما أعلنه المواطن الإماراتي عبدالرحمن السويدي مؤخراً عن دور «الإخوان» في دول مجلس التعاون الخليجي عامة وقطر خاصة قد ساهم في تشكيل رأي عام عربي موحد إزاء الدور الإرهابي لجماعة «الإخوان» في المنطقة وبأن الغاية النهائية لتلك الجماعة هي تفتيت العالم العربي من خلال السيطرة على مواقع اتخاذ قرار معينة وبث بذور الفرقة بين الشعوب العربية. وفي حالة قطر فقد أثبتت جماعة «الإخوان» أنها تمتلك مخططاً استراتيجياً ويسير وفق آلية عمل عالمية ومعقدة، فقد عملت الجماعة لأكثر من ثمانية عقود بهدف التغلغل في طبقات الشعب المصري إيماناً منها بأن السيطرة على القاهرة سيتيح لها بكل سهولة السيطرة على مفاتيح صنع القرار العربي والإقليمي نظراً لثقل مصر السياسي والجغرافي والاستراتيجي، ثم اكتشفنا أن الجماعة كانت تخطط أيضاً للسيطرة على دول الخليج العربي بالتنسيق مع إيران، وللتمدد في دول المغرب العربي. وقد عملت جماعة «الإخوان» لعقود من أجل السيطرة تدريجياً على العديد من أماكن صنع القرار في قطر، وأبرزها: الإعلام والأوقاف والأعمال الخيرية والتعليم.. إيماناً من الجماعة الإرهابية بأن توزيع الوجبات الغذائية وإقامة ولائم الإفطار في شهر رمضان والفوز بمقاعد برلمانية لا تصلح في دولة خليجية غنية بمصادر الطاقة. لذا نفذت استراتيجية أخرى في قطر وقد نجحت فيها، والدليل على ذلك هو عدم استجابة القيادة القطرية لمطالب أشقائها بوقف دعم الجماعات الإرهابية وإغلاق شبكة «الجزيرة»، المنبر الرسمي لـ«الإخوان» والعودة للصف الخليجي والعربي، واستطاعت الجماعة السيطرة على كل مقاليد الحكم في الدوحة، وكان من الواضح علاقة «التوأمة» بينها وبين نظام الحكم القطري، والذي تبني منذ انقلاب «حمد» الابن على أبيه في عام 1995، وعن قناعة عمياء، احتضان رموز الإرهاب الإسلامي المتطرف بزعامة ««الإخوان» بهدف فرض أمر واقع مؤلم على المواطن القطري أولاً ثم الخليجي والعربي ثانياً. وبالتالي أصبح الطفل القطري الذي التحق بالتعليم منذ سبعينيات القرن الماضي يتلقى مناهج موضوعة من جماعة «الإخوان» في كل المراحل التعليمية. أضف إلى ذلك تلقي المواطن القطري منذ 1995 رسالة موحدة من القنوات الإعلامية الحكومية على مدار الساعة تستهدف ترسيخ الأفكار المتطرفة وتوجيه الرأي العام نحو دعم وتأييد جماعة مشروعة في ظاهرها داخل قطر وفي باطنها إرهاب وتدمير للشعوب، وفوق هذا كله توجيه المواطن القطري الذي يرغب في تسديد زكاة ماله أو التبرع لمساعدة الفقراء والمساكين داخل قطر وخارجها بأن يدفع لجمعيات خيرية معينة تلك الأموال، وحقيقة الأمر أن تلك الجمعيات توجه الأموال إلى وجهات إرهابية خطيرة في العديد من دول العالم لتحقيق مآرب غير مشروعة. الخلاصة تؤكد أن فشل «الإخوان» في إقامة دولة في مصر وغيرها قابله «نجاح» في إقامة دولة «الإخوان» القطرية، دون الحاجة لتولي سدة الحكم علناً في الدوحة. وما أخشاه شخصياً هو عدم اكتفاء تلك الجماعة الإرهابية بذلك وقيامها قريباً بتنحية أمير قطر الحالي وتكليف فرد من العائلة الحاكمة يتمتع بعضوية كاملة في الجماعة بكرسي الحكم حتى تتحكم في ثروة قطر من الغاز والنفط وتستكمل سيطرتها على مفاصل البلاد، وهو أمر نتمنى عدم حدوثه للشعب القطري الشقيق. *باحث إماراتي