دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى ومحاولة تغيير الوضع، سيجعل إسرائيل في مأزق، ظناً منها بأن الانشغالات الإقليمية تجعلها تنفرد بالشعب الفلسطيني، لكنها بذلك تزيد حالة الاحتقان وتدفع نحو انتفاضة شعبية أخرى. وهنا فإن الشعب الفلسطيني لديه تساؤل موجه لحركة «حماس»: متى تتخذون موقفاً وطنياً شجاعاً، من أجل التوافق مع السلطة الفلسطينية؟! وفي يوم الجمعة 14 يوليو الجاري، وقع اشتباك مسلح داخل باحة المسجد الأقصى، بعد أن أطلق النار ثلاثة فلسطينيين على جنود إسرائيليين، فردت الشرطة الإسرائيلية، ما أدى إلى استشهاد الثلاثة وقتل شرطيين إسرائيليين. ومع أنه كان بإمكان الشبان الثلاثة مواجهة الجنود الإسرائيليين خارج حرم المسجد الأقصى، فقد استغلت قوات الاحتلال هذه الحادثة لفرض إجراءاتها الأمنية الجديدة، فقامت بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، ودفعت بعناصرها إلى ساحاته. وسادت أجواء من التوتر وسط هتافات احتجاجية واستنفار لحراس وسدنة المسجد، مع منع الصلاة فيه لأول مرة خلال تاريخ احتلال القدس. إلا أنه تم فتح المسجد للصلاة يوم الأحد الماضي، مع وضع «بوابات إلكترونية» عند مداخله. وقال الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى: «إن سلطات الاحتلال ركبت البوابات من دون موافقة الوقف الإسلامي»، ما يعد «تدخلاً في شؤون إدارة الوقف الإسلامي وتضييقاً على المسلمين». وأضاف: هذا يتعارض مع حرية العبادة، ومع حقيقة كون الأقصى للمسلمين وإدارته تعود لهم وحدهم. إسرائيل تريد أن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني لفرض سيادتها على الأقصى، لكن الشيخ عزام الخطيب، مدير عام أوقاف القدس، أكد للصحفيين أن موظفي الأوقاف الإسلامية المسؤولة عن الموقع، يرفضون الدخول لأداء عملهم في المسجد، ولن يدخلوا من البوابات المرفوضة دينياً وأخلاقياً. السلطة الفلسطينية بدورها حمَّلت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن «المساس بالأقصى»، وهي ترفض كل الإجراءات الخطيرة التي من شأنها منع حرية العبادة. وفي الوقت ذاته رفض الفلسطينيون أداء الصلاة داخل المسجد الأقصى وأدوها عند أبوابه، احتجاجاً على القرار الإسرائيلي غير المسبوق بإغلاق باحة الأقصى أمام المصلين. وتكثفت الاتصالات الدولية الرامية لإيجاد حل وسط بخصوص إزالة البوابات الإلكترونية. السلطات الأردنية المشرفة على المقدسات الإسلامية في القدس، تتمسك بإزالة البوابات الإلكترونية كلياً. وقد أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومعالي أيمن الصفدي وزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، ضرورة فتح المسجد الأقصى كلياً وفورياً أمام المصلين، واحترام إسرائيل الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات. فيما أبدت أميركا والاتحاد الأوروبي اهتمامها بأحداث المسجد الأقصى. وأعرب البيت الأبيض عن «القلق الشديد» إزاء التوترات المحيطة بالمسجد الأقصى، داعياً إسرائيل والأردن إلى «حل يضمن السلامة العامة وأمن الموقع، ويحافظ على الوضع الراهن». *سفير سابق