ذكر تقرير صادر عن «مراكز التحكم في الأمراض» أن الولايات المتحدة تشهد ميلاد «وباء أفيوني غير مسبوق». ويمكن القول إن هناك بالفعل وباءً أفيونياً وكارثةً في الصحة العامة، لكن ليس من الصحيح أن هذا غير مسبوق. فقد شهدت الولايات المتحدة وباءً مشابهاً بشكل كبير قبل نحو 150 عاماً. وقد بدأ أول وباء أميركي كبير لإدمان الأفيون بالطريقة نفسها عن طريق عقاقير كان يعطيها أطباء حسنو النوايا يؤمنون بنوع جديد من العقاقير كعلاج لطائفة واسعة من الآلام. وكتب ناثانيل تشابمان، العالم في مجال الصيدلة، عام 1817، أن الأفيون هو أكثر العقاقير نفعاً في جعبة الأطباء. وفي العام نفسه استطاع الكيميائيون عزل عنصر أساسي شبه قلوي من الأفيون الخام وهو المورفين. بيد أن الاعتماد على مستخلصات الأفيون أصبح مشكلة في أربعينيات القرن التاسع عشر، وحتى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لم يكن الإدمان قد تحول إلى ظاهرة واسعة النطاق. ونقطة التحول تمثلت في استخدام الحقن في سبعينيات القرن التاسع عشر. وقبل هذا الاختراع، كان الأطباء يعطون المستخلصات الأفيونية عبر الفم. وبدأ الولع الطبي بحقن المورفين على نطاق واسع كعلاج لكل أنواع الآلام. وأصبح الجرحى من قدامى المحاربين مدمنين وأدمن أيضاً بعض المصابين بالتهاب المفاصل. وحذر متشككون من أخطار الإفراط في وصف المورفين كعلاج. لكن هذه التحذيرات لم تلق آذاناً صاغية. وأُلقي بعض اللوم على عاتق الأطباء أنفسهم. إلا أن بعض الأطباء كانوا يواجهون ضغوطاً من المرضى وأسرهم، كي يحصلوا على المورفين. لكن مهنة الطب حلت المشكلة في نهاية المطاف تلقائياً. فمع انتشار الوعي بدور الأطباء في انتشار الإدمان، بدأت مدارس الطب تحذر الأطباء الجدد من وصف المورفين للمرضى إلا في ظروف معينة. ومع توافر المسكنات الأقل قوة مثل الأسبيرين بدأ الوباء يتقلص. وهكذا يعلمنا التاريخ أن الطب سيلعب في نهاية المطاف الدور الأهم في تقليل أو زيادة الاعتماد على المورفين! ستيفن مايم أستاذ التاريخ المساعد في جامعة جورجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»