لا يختلف اثنان على أن من أبرز ما يميز النموذج الإماراتي التنموي المتفرد، هو القدرة الاستثنائية على المواءمة ما بين التشبُّث بأصالة الموروث الحضاري والثقافي والبيئي من جهة، ومواصلة الارتقاء في عوالم التقدم والتطوير والريادة على نحو يمكن الدولة من تجسيد رؤاها التنموية الطامحة إلى تتويجها في صدارة أفضل دول العالم في المجالات كافة من جهة أخرى، بل إن هذه المواءمة الفذة ما بين جمال الماضي وروح المستقبل، هي سبب رئيسي من أسباب الاحترام والتقدير العظيم الذي تلقاه التجربة الإماراتية، وأداة بارزة من أدوات تعزيز المكانة المرموقة التي تحظى بها الدولة على الساحتين الإقليمية والدولية. ولا شك في أن مهرجان ليوا للرطب، الذي انطلقت دورته الثالثة عشرة في مدينة ليوا بمنطقة الظفرة مؤخراً، تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وبتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وتستمر حتى الـ29 من شهر يوليو الجاري، بما بات يمثله من عرس تراثي ثقافي سنوي تشهده المنطقة الغربية، هو مرآة تعكس زخم وتميز الحراك التراثي والثقافي الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة من أقصاها إلى أقصاها، وذلك في إطار الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتنا الرشيدة، ممثلة بصاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بصون تراث الآباء والأجداد، وتعزيز علاقة الأجيال الإماراتية المتعاقبة بالموروث الإماراتي العريق من القيم النبيلة والعادات الحميدة وسائر المظاهر الثقافية التي تمنح الهوية الإماراتية خصوصيتها، بما يرسخ فخر واعتزاز أبناء الإمارات بالانتماء والولاء لهذا الوطن الغالي. ولا يقتصر مهرجان ليوا للرطب على كونه تظاهرة تراثية وثقافية سنوية، تلقي الضوء على خيرات أرض أبوظبي الطيبة ورطبها، وتجسد اهتمام الدولة وقيادتها الرشيدة الخاص والمتجذِّر بشجرة نخيل التمر المباركة، بل إنه تحول كذلك إلى نقطة جذب سياحي مهمة، تركز الأنظار على الطبيعة الخلابة لمدينة ليوا المعروفة ببوابة الربع الخالي، وتضيف ألق السياحة التراثية إلى المشهد السياحي المتقدم الذي تشهده دولة الإمارات، بما تستقطبه هذه الفعالية من أعداد كبيرة من السياح والزوار من داخل الدولة وخارجها، وخصوصاً من المهتمين بالحفاظ على النخيل والتمور كرمز تراثي مهم للمنطقة العربية كلها، إضافة إلى المهتمين بتطوير مداركهم حول أحدث الأساليب والابتكارات الزراعية التي تصب في إطار الحفاظ على هذه الشجرة المباركة ورفع إنتاجية وجودة الرطب والتمور في الدولة والمنطقة. وبفضل الرؤى المبتكرة والأفكار الخلاقة، جنباً إلى جنب مع الجهود الحثيثة المبذولة لإنجاح هذا الحدث المميز وتطويره، فإن مهرجان ليوا للرطب يشهد تقدماً ملحوظاً عاماً تلو الآخر، حيث أعلنت اللجنة المنظمة زيادة في نسبة مساحة المهرجان في الدورة الحالية 2017، تجاوزت ما نسبته 75%، وذلك مقارنة بدورة العام الماضي 2016، مشيرة إلى أن الهدف يأتي لفتح المجال أمام المشاركين والمزارعين لعرض منتجاتهم ومنتجات الأجداد والآباء التراثية، كما أنه في إطار التفاعل المتواصل مع مبادرة «عام الخير» التي كان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قد أطلقها بداية عام 2017، فقد أعلنت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية إطلاق مبادرة «الخير في وطن الخير»، خلال فعاليات الدورة الحالية من مهرجان ليوا للرطب، بالتعاون مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي. ويبقى أن نؤكد أن التجربة الإماراتية المميزة في الحفاظ على التراث، وهي التي تمثل امتداداً جميلاً لمسيرة الوفاء التي تخطّها الإمارات قيادةً وشعباً، لنهج الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هي تجربة تجاوزت حدود الإمارات عبر ما تقدمه الدولة من جهود ملموسة في سبيل الحفاظ على التراث الإنساني في المنطقة والعالم بما يعود بالخير على البشرية برمتها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية