قام فكر جماعة «الإخوان المسلمين» منذ بداياته بالعمل بطريقة مزدوجة مقتبسة من الاستخبارات البريطانية التي بنت للجماعة أول مقر لها، وكانت أول من مول الجماعة عن طريق حزب «الوفد» في سنة 1942 على صورة مساعدات مالية لجماعة اجتماعية توعوية، واستمر التمويل لفترات طويلة، وقد كانت الجماعة تتعاون مع مختلف الاستخبارات الأجنبية للقضاء على مد القومية العربية لكونها تخالف توجههم الإيديولوجي. وعندما فاز محمد مرسي، بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية في مصر، لم يتدخل الجيش في تلك العملية كمراقب وضامن للوحدة الوطنية المصرية، والسر الذي ينتظر الكثيرون أن يظهر في يوم ما هو أحقية فوز المرشح أحمد شفيق بالانتخابات، وكيف قلبت قناة «الجزيرة» أوراق التاريخ السياسي في مصر، حيث أعلنت قناة «الجزيرة مباشر- مصر» فوز مرسي بالانتخابات قبل الإعلان الرسمي، لينزل «الإخوان» إلى الشوارع يحتفلون بالانتصار الزائف لمرشحهم! وعندما أتت الأرقام الدقيقة التي لم تكن في مصلحة مرسي، كان الوقت قد تأخر لإعلان نتيجة معاكسة وإدخال البلد في فوضى عارمة، وكان الخيار الحكيم هو حفظ دماء وأرواح المصريين واعتماد النتيجة الأولية المسربة بأسلوب قناة «الجزيرة» لإثارة الثورات وإشعالها في المنطقة. وقد كان «الإخوان» قد أعدو العدة بتحريك الشارع المصري في حالة خسارة مرسي للانتخابات، وعلمت الاستخبارات المصرية بكل تلك التحركات المشبوهة، وكان لا بد من اتخاذ قرار شجاع يحافظ على وحدة التراب المصري بغض النظر عن الشكوك التي كانت تدور حول قانونيته الانتخابية في حينه. وبدورها، كانت قناة «الجزيرة» قد دربت أعداداً هائلة من «الإخوان» لشن حرب في وسائل التواصل الاجتماعي على الجيش والرئيس المنتخب في حالة عدم ظفر مرسي بكرسي الرئاسة، وكان حكم مرسي مجزرة تاريخية لمفهوم الأمة المصرية، ولا يخلو من المغالطات والجرائم الكبرى بحق الأمة العربية ككل. ومن أهم تلك المحطات الاتفاق السري مع الجانب الإسرائيلي بين الرئيس السابق محمد مرسي بحضور القيادي «الإخواني» خيرت الشاطر وغيره من القيادات «الإخوانية» وموافقة «الإخوان» على جعل سيناء وطناً بديلاً للفلسطينيين، وكانت القوات المسلحة برجالاتها التاريخية الحائل الأخير دون تبلور تلك الصفقة على أرض الواقع. ووقفت القوات المسلحة المصرية في صف الحق التاريخي للشعب الفلسطيني، رافضة أن تبيع القضية مقابل مخطط دولة «الخلافة الإسلامية»، ناهيك عن دور الاستخبارات القطرية في ذلك الملف، حسب مصادر خاصة، وتجهيز ما يقارب أكثر من 20 ألف فلسطيني للنزوح نحو سيناء بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية. كما فتح مرسي الباب على مصراعيه مع الجانب التركي والإيراني وتعامله مع الجانبين كقيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» وليس كرئيس دولة منتخب، حيث دعم الأتراك «الإخوان» في المنشط والمكره، وتسهيل تحريك رؤوس أموالهم بحرية بين قبلتهم الجديدة ماليزيا وإسطنبول، والدفاع عن رموزهم والحكومات التي تؤويهم. وأما عن علاقتهم مع إيران، فهي تاريخية، ويرى الكثير من قيادات «الإخوان» في العالم أن الصحوة الإسلامية تتمثل في مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب ومدرسة الإمام الخميني، وقد كان كبار مسؤولي المخابرات في إيران يزورون مصر بصورة لا تنقطع تحت حكم مرسي في محاولات كانت بائسة لتعزيز قبضة الجماعة على السلطة. ومن التاريخ، نذكر أنه في عام 1930، قام الخميني، بزيارة حسن البنا، مؤسس جماعة «الإخوان المسلمين»، وبعد وصول الخميني إلى السلطة، هبطت الطائرات التي تقل وفداً من التنظيم الدولي لـ «الإخوان» في طهران لتهنئته، ويقال إن الوفد تعهد بالولاء لخميني «بخلافة جميع المسلمين». وهم يؤمنون تماماً بأن «الإخوان» النسخة السنية لنظام الملالي. ومن الثغرات الكبرى التي تعاني مصر من ويلاتها اليوم نتيجة استيلاء «الإخوان المسلمين» على جميع مستويات السلطة في حكومة مرسي، هو تغلغل الاستخبارات الإيرانية والتركية في مصر، وتصدير الإرهاب الداعشي إلى مصر، وتجنيد أعداد كبيرة من شباب جماعة «الإخوان» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وذلك عبر صفحات بعض الحركات «الإخوانية» على «فيس بوك» مثل حركات، مولوتوف، أحرار، الجهاد الإسلامي في مصر، وبدخول «داعش» لمصر، بايعت جماعة «أنصار بيت المقدس» في سيناء تنظيم «داعش»، وتأسست حركة «داهس» على غرار «داعش» التي كانت تضم نحو 300 شاب مصري، دون أن ننسى دور الجانب القطري في توفير منبر إعلامي ودعائي لـ «الإخوان» وفتاواهم والتحريض المباشر للشباب المسلم بأحقية جماعة «الإخوان» بقيادة الأمة الإسلامية!