عندما سُئل المهاتما غاندي حول رأيه في الحضارة الغربية، يقال إنه أجاب بأنها قد تكون فكرة جيدة. والواقع أن الجدل حول الديمقراطية الليبرالية في عهد ترامب ينضح بتشاؤم مماثل بشأن الإنجاز الغربي لدرجة تلامس حدود اليأس المؤذي للذات، إذ يتم التنديد بالخليط «الليبرالي» من الرأسمالية والديمقراطية على اعتبار أنه يفضي إلى التفاوت الاجتماعي، وأنظمة جشعة وفاسدة قائمة على المحسوبية، وانعدام الكفاءة الحكومية. عيوبٌ فتحت الباب أمام رئاسة دونالد ترامب المحزنة. وفي أعقاب قمة مجموعة العشرين الأخيرة في هامبورغ الألمانية، ذهب البعض إلى حد القول إن التهديد الأكبر الذي يواجه الأميركيين لا يأتي من الحكام المستبدين غير الليبراليين في روسيا أو كوريا الشمالية أو الصين أو من الدول الدينية الإسلامية، وإنما من الثمرة الفاسدة لنظامنا الخاص. وبعبارة أخرى: إن العدو هو نحن. بيد أن هذا التيار الفكري ينبغي وقفه. ذلك أن الليبرالية تواجه تحديين اثنين: الأعداء الخارجيين، من جهة، ومن جهة ثانية، أزمة داخلية تتمثل في الثقة بالنفس -وقد آن الأوان لنعترف جميعاً بأن التهديد الخارجي أكبر وأشد. إذ مهما كانت الانتقادات على ترامب مثلاً، إلا أنه ليس فلاديمير بوتين أو كيم جون أون. ولعل من المفيد التذكير بأن الكارثتين اللتين أساءتا إلى المؤسسة الليبرالية وشوهتا سمعتها -أزمة 2008 المالية وحرب العراق- لم تكونا خطأين ناتجين عن الليبرالية نفسها. إذ ليس ثمة ما هو ليبرالي بشأن دعم دافع الضرائب للمجازفة المالية الخاصة، ولا بشأن الفشل في إخضاع هدف تغيير النظام العراقي لدراسة متأنية ورصينة للموارد المتاحة. ومما لاشك فيه أن هاتين الحالتين تنطويان على دروس مهمة بالنسبة لديمقراطيتنا -تجنب المحسوبية وتجنب الغرور- ولكنهما لا تبيّنان، بكل تأكيد، أن المشكلة تكمن في الليبرالية، بل على العكس، فالليبرالية ظهرت خلال الثورة الصناعية الأولى، ونحن في حاجة إليها من أجل اجتياز الثورة الصناعية الثانية! سيباستيان مالابي كاتب وباحث أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»